أخي إلياس .
بدا لي ان اخبرك بمعنى الإصلاح الذي غلب عليه ظني .
ما جاء في رؤية المهدي ووزارة الحرب ، و تبديل الاوراق و مقالة المهدي فيها إن الحرب خدعة ، قد القى في روعي أمر انشرح له صدري و كشف لي عن كيف خدعت الاقدار الشيطان ،
أخي أن اصلاح المهدي قد بدأ بالفعل ، و لا مجال للشيطان ان يوقفه ، و ليتحسر كما شاء علي انخداعه .
معظم من يفكرون في الاصلاح و ليلته يعتقدون انها ليلة خاصة ، تجري فيها امور عظام ، و اقصد بذلك تخيلات عن ضروب من المعجزات ، و مبدأ هذا الاعتقاد من كثرة تشبع المعبرين و المنشغلين في أمر المهدي بأقوال الصوفية و غيرهم عن مقام يصله و حضرة يحضرها إلخ الخ و الذي حداهم ان ينحو هذا النحو في فهم الرؤى و الاثار .
اخي ليلة اصلاح المهدي قد وقعت بالفعل ، و الاصلاح ليس مكدسا في ليلة ، اصلاح المهدي شأنه شأن اصلاح الله لكل غافل ، يتوب الله عليه في ليلة أو يوم توبة يقربه بها منه ،و يضعه علي طريق له بداية و ليس له نهاية .
و انما سميت ليلة لأن فيها مبتدأ أمر ليس له حد ، فليس للصلاح حد ، و لا للاجتهاد منتهى ،
مثل هذا خلق الله تعالى للسماوات و الأرض ، فإن أمره بين الكاف و النون ، و لكنه خلق السماوات والارض في ستة أيام ، فالأمر منه و الخلق منه و إن اخذ زمنا ، و لكنه مازال بأمر بالكاف و النون . أمر و انتهى ، و لكن ينفعل المخلوق علي قدره و طاقته و زمنه للأمر.
يمكنك ان تنظر لاصلاح المهدي علي أنه وضع كرة علي مدرج ، لقد وضعه الله عز و جل علي اول الطريق الصحيح ، و ما بقي منه فهو لا اقول في حكم المنقضي ، بل هو كذلك فعلا .
هذا الأمر ستجد رؤى تعبر عنه بكون المهدي طفل ، او كطفل او انه في مرحلة طفولة ايمانية تنمو بسرعة .. رؤيا حليمة السعدية مثلا .
و كذلك رؤيا الطفل في المدينة المدمرة .
لقد خدع قدر الله إبليس و جنوده اذ ظنوا انهم سيصلون للمهدي و يمنعونه من ليلة الاصلاح لمعتقدهم الذي بثوه و تلمحه في كلمات ضلال الصوفية و غيرهم ، التي فضحت لنا طريقة تخيل الشيطان عن الاصلاح .
و أنه أمر لو تفكرت فيه أكاد استلقي من الضحك و العجب من قدر الله و جميل مكره .
لقد تحرك القطار و لا مجال لايقافه ، فيا إبليس و يا دجال تحسرا أو انتظرا إلي يوم يبعثون .
" فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ أَن لَّوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ مَا لَبِثُوا فِي الْعَذَابِ الْمُهِينِ (14 " ..
هناك رؤى تتكلم عن كيف يتنكر المهدي و يفلت من رجال الأمن و العسس و هم بعد يبحثون عنه .
إنها مسألة وقت ، فإن سهم القدر قد أطلق ، و كل يوم يكبر الطفل بفضل الله بين صفوف المهديين لا يعرف من بينهم .
ان قضاء الله و سنته في عباده أن يهديهم الطريق لا ان يحملهم او يقتص لهم الطريق ، فالمسير و السعي حق علي العبد حتى يستحق - بفضل الله - ما يعطيه الله .
أولئك الذين ظنوا أن الله يخلق المهدي خلقا جديدا ليلة الاصلاح اوقعوا الناس في فتنة كيف و بم يختار الله عبدا غافلا ؟! ، كلا ، بل ان صح فهمي فإن الله يسر له التوبة في ليلة و أقامه علي طريق الصلاح والتقوى الطويل الذي مشى فيه من قبله الكثير ، و ان كان المهدي كما قالت عنه الرؤى " سريع الخطى " . أتكلم بصيغة الماضي لاعتقادي ان بروز هذه الرؤية للعلن دلالة علي ان ما حدث حدث ، ووليس لانني أعرف أحدا او اشك فيه مما قد يطرق ذهن من يقرأ ، بل هذا كله فهم لا علما بواقع .
بعض المعبرين الآخرين تسرب اليهم مفهوم التدرج في الاصلاح ( المهدي يركب دراجة ) ، لكنهم ظنوا ان ليلة الاصلاح ستكون آخر الطريق ، و اقول بل كانت اوله ، لأن الطريق ليس له نهاية ، لماذا ليس له نهاية و آخر ؟! لأنه لا أحد يستطيع ان يعبد الله حق عبادته و لا يوجد عمل مهما زاد يعدل ما استوجب مقام ربنا عز و جل ، فلا توجد صيغة او هيئة للكمال يتلبسها احدهم بين يوم و ليلة ، بل النظر في السعي و هذا حظ العبد ، أما البلوغ فمن الله .
فالحمد لله ذي الفضل و المنة ، و أكرمنا الله و إياك برؤية المهدي و التوفيق لنصرته و ارضاء ربنا في اتباعه .
و الله أعلم ، و إنما هو اجتهاد لا يتمنع عنه الخطأ .
اقول لإبليس ان كان يقرأ او يصله هذا : ساء صباحك في يوم الجمعة ، خذ هذه البشرى مني
، اعاذنا الله جميعا منك و من قبيلك من انس و جن .