السلام عليكم
المتابع لاحاديث اخر الزمان سيرى تعارضا ظاهريا فى اقوال النبى صلى الله عليه وسلم وهذا التعارض بسبب اقوال مختلفه للنبى صلى الله عليه وسلم
وكلنا يعللم ان النبى صلى الله عليه وسلم لا ينطق عن الهوى ان هو الا وحى يوحى
قال تعالى
مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَىٰ (2) وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَىٰ (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَىٰ
ولكن هل كل اقوال النبى صلى الله عليه وسلم هى من الوحى ولا تحتمل الخطا
ام ان هناك اجتهادات للنبى -عليه الصلاه والسلام - وليس لها علاقه بالوحى
للاجابه عن السؤال سوف نورد حديثا
فقد أخرج مسلم عن أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر بقوم يلقحون النخل فقال: لو لم تفعلوا لصلح، قال: فخرج شيصا " تمرا رديئا" فمر بهم فقال: ما لنخلكم؟ قالوا: قلت كذا وكذا.. قال: أنتم أعلم بأمور دنياكم.
وهناك حديث اخر
واخرج مسلم وغيره ايضا
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : " خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : ( أيها الناس قد فرض الله عليكم الحج فحجوا ) ، فقال رجل : " أكل عام يا رسول الله ؟ " فسكت ، حتى قالها ثلاثا ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( لو قلت نعم لوجبت ، ولما استطعتم ) ثم قال ( ذروني ما تركتكم ؛ فإنما هلك من كان قبلكم بكثرة سؤالهم ، واختلافهم على أنبيائهم ، فإذا أمرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم ، وإذا نهيتكم عن شيء فدعوه ).
ويتضح من الحديثين الاول ان النبى صلى الله عليه وسلم له اجتهادات من عنده وليست من الوحى والا لما قال انتم اعلم بامور دنياكم كما انه - عليه السلام - قال ما لنخلكم - وكانه لم يعجبه منظر النخل والوحى لا يكون الا فيما اصلح الناس فى دينهم ودنياهم
ومن الحديث الثانى يتضح ان النبى عليه السلام جاءه وحى فيما تكلم به ولما جاء سؤال يقاطع فكانه انتظر وحيا فى الاجابه على السؤال فلم تاتى الاجابه فترك الاجابه عليه بالايجاب او بالنفى لانه لم تاتيه اجابه
فكان صلى الله عليه وسلم يتكلم بالوحى ولكن له اجتهادات خاصه من عنده عليه الصلاه والسلام
فاذا وافق ما يقوله من اجتهاد وحى الله مضى وكان موافقه ربانيه واذا كان مخالفا لما اراده الله نزل الوحى يصحح
فكل ما صدر عنه صلى الله عليه وسلم صحيح ويجب العمل به لانه وان لم يكن وحيا لكنه وافق الوحى بالالهام والا لما مضى دون تصحيح
اما فى واقعه تابير النخل فهو فى شئون الدنيا التى اجتهد فيها عليه السلام دون ان يوافق رايه الصواب
اما فى احاديث اخر الزمان كاحاديث الدجال والمهدى وعيسى - عليه السلام -
فهذه الحقبه الزمنيه لن تكون على عهد النبوه ولكن هناك احاديث تدل على ان النبى عليه الصلاه والسلام - كان يعتقد ان الدجال سيخرج فى عهد النبوه
فهل كان النبى عليه الصلاه والسلام يعلم ان الدجال سيخرج فى عصره ؟
الاجابه قطعا لا
لم يكن يعلم
ففى صحيح مسلم
عَنْ النَّوَّاسِ بْنِ سَمْعَانَ ، قَالَ : ذَكَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الدَّجَّالَ ذَاتَ غَدَاةٍ ، فَخَفَّضَ فِيهِ وَرَفَّعَ حَتَّى ظَنَنَّاهُ فِي طَائِفَةِ النَّخْلِ ، فَلَمَّا رُحْنَا إِلَيْهِ عَرَفَ ذَلِكَ فِينَا ، فَقَالَ : " مَا شَأْنُكُمْ ؟ " ، قُلْنَا : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، ذَكَرْتَ الدَّجَّالَ غَدَاةً ، فَخَفَّضْتَ فِيهِ وَرَفَّعْتَ حَتَّى ظَنَنَّاهُ فِي طَائِفَةِ النَّخْلِ ، فَقَالَ : " غَيْرُ الدَّجَّالِ أَخْوَفُنِي عَلَيْكُمْ إِنْ يَخْرُجْ ، وَأَنَا فِيكُمْ فَأَنَا حَجِيجُهُ دُونَكُمْ ، وَإِنْ يَخْرُجْ وَلَسْتُ فِيكُمْ ، فَامْرُؤٌ حَجِيجُ نَفْسِهِ
ويتضح من الحديث الشريف انه لا يعرف وقت خروج الدجال ويؤكد هذا المعنى حديث ابن صائد ففى صحيح مسلم
عن نَافِعٍ قَالَ لَقِيَ ابْنُ عُمَرَ ابْنَ صَائِدٍ فِي بَعْضِ طُرُقِ الْمَدِينَةِ فَقَالَ لَهُ قَوْلا أَغْضَبَهُ فَانْتَفَخَ حَتَّى مَلأَ السِّكَّةَ فَدَخَلَ ابْنُ عُمَرَ عَلَى حَفْصَةَ وَقَدْ بَلَغَهَا فَقَالَتْ لَهُ رَحِمَكَ اللَّهُ مَا أَرَدْتَ مِنْ ابْنِ صَائِدٍ أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنَّمَا يَخْرُجُ مِنْ غَضْبَةٍ يَغْضَبُهَا
وفيها دلاله على ان النبى عليه الصلاه والسلام كان يحتار فى امر بن صائد اى انه لم ينزل فيه وحى
ومعنى ذلك ان الوحى نزل فى التحذير من الدجال ولكن متى يخرج لا يعلم النبى بذلك ولم ينزل فيه وحى
وكذلك فى حديث الجساسه اللذى رواه مسلم
ففى بدايه الحديث جمع النبى عليه الصلاه والسلام الناس للصلاه ثم امرهم ان يبقو فى اماكنهم وقص عليهم قصه اخبره بها تميم الدارى اللذى كان نصرانيا واسلم وقال انها وافقت ما حدثهم به - عليه السلام - فى شان الدجال
ثم بدا بسرد القصه على روايه تميم بمعنى ان الكلام لتميم فى كل الحديث الى ان جاء الى قول الدجال - وَإِنَّ عَلَى كُلِّ نَقْبٍ مِنْهَا مَلاَئِكَةً يَحْرُسُونَهَا-
فهنا تقول الرائيه -وهى فاطمه بنت قيس رضى الله عنها - وَطَعَنَ بِمِخْصَرَتِهِ فِى الْمِنْبَرِ وقال - : هَذِهِ طَيْبَةُ هَذِهِ طَيْبَةُ هَذِهِ طَيْبَةُ . يَعْنِى الْمَدِينَةَ أَلاَ هَلْ كُنْتُ حَدَّثْتُكُمْ ذَلِكَ ؟ . فَقَالَ النَّاسُ :نَعَمْ .
ثم قال
فَإِنَّهُ أَعْجَبنِى حَدِيثُ تَمِيمٍ أَنَّهُ وَافَقَ الَّذِى كُنْتُ أُحَدِّثُكُمْ عَنْهُ وَعَنِ الْمَدِينَةِ وَمَكَّةَ ، أَلاَ إِنَّهُ فِى بَحْرِ الشَّامِ أَوْ بَحْرِ الْيَمَنِ ، لاَ بَلْ مِنْ قِبَلِ الْمَشْرِقِ ما هُوَ ، مِنْ قِبَلِ الْمَشْرِقِ مَا هُوَ ، مِنْ قِبَلِ الْمَشْرِقِ مَا هُوَ
( قال القاضي : لفظة ( ما هو ) زائدة ، صلة للكلام ، ليست بنافية ، والمراد إثبات أنه فى جهات المشرق ) وَأَوْمَأَ بِيَدِهِ إِلَى الْمَشْرِقِ
اى ان النبى عليه السلام اقر بكل ما جاء فى الحديث من حديث تميم كما انه اقر ايضا بان الدجال لابد ان يخرج من من بحر الشام او بحر العرب وصرح بذلك وهما فى الغرب وليس فى المشرق بالنسبه لمكه - اى البحر المتوسط والبحر الاحمر - احدهما فى الغرب والاخر فى الشمال فليس لهم علاقه بالمشرق
ولكن نزل الوحى اثناء الكلام والخطبه بالتصحيح فجاء النفى فى نفس سياق الكلام حيث قال - لاَ بَلْ مِنْ قِبَلِ الْمَشْرِقِ ما هُوَ ، مِنْ قِبَلِ الْمَشْرِقِ مَا هُوَ ، مِنْ قِبَلِ الْمَشْرِقِ مَا هُوَ
الشاهد فى الموضوع ان النبى عليه الصلاه والسلام حدث اصحابه عن الدجال فجاءه تميم الدارى فاسلم وبايع وحكى له القصه فجمع النبى عليه الصلاه والسلام الناس حتى يخبرهم بها فجاء الوحى فى اثناء الخطبه ينفى قصه الجساسه فى اخرها بنزول وحى من السماء ينفى خروجه من بحر الشام فى الشمال او من بحر اليمن فى الغرب
ويؤكد على ذلك احاديث اخرى كثيره فى وصف الدجال ومكان خروجه من خله بين الشام والعراق
واعتقد ان الصحيح فى حديث الجساسه ليس الا حفظ الله لمكه والمدينه فلا يدخلها الدجال فهذا المعنى اكد عليه صلى الله عليه وسلم فى حديث الجساسه وغيره من احاديث اخرى
يتبع ان شاء الله