الخليفة

اخي الاكبر .
اختم كلامك او لا تختمه .
ليس ما تقول ضمنا او تصريحا شيء يمكن الاصطلاح عليه او تركه للفقه و النظر ، فالاستعانة بغير الله من الشرك ، و ان حصول هذا الشرك مع من يظن فيهم القوة لذاتهم كالجن و اقوياء البشر اقرب و اسلك في قلوب الناس من غيره من الاستعانات التي جرت بها عادة الناس كاستعانة المرء بالصاحب و الصديق و الدواب و غيره في بلوغ الحاجة و قضاءها .. فلا يقاس ذاك بهذه .
و لا خير في شيء لم يدل عليه رسول الله ﷺ و لا أمر به ، و لم يصلنا عن اصحابه الكرام.
خطَّ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ خطًّا بيدِه ثم قال : هذا سبيلُ اللهِ مستقيمًا، وخطَّ خطوطًا عن يمينِه وشمالِه، ثم قال : هذه السبلُ ليس منها سبيلٌ إلا عليه شيطانٌ يدعو إليه، ثم قرأ : وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكم عَنْ سَبِيلِهِ . اخرجه الامام احمد و النسائي و الدارمي .

و اما الخليفة ، فكيما يكون مقصدك منها ، فالمعنى اهم من المبنى ، و سواء صرحت او لمحت ، و كيفما يكون قصدك ، فان الخليفة من استخلفه من له الأمر ، و المستخلف في شيء يعمل علي الوجه الذي اراده منه من استخلفه فيه ، فإن تصرف فيه علي مراده هو بغير قيد كان ملكا ..
و قد قال الله عز و جل في الجن ما لم يقله عن سائر المخلوقات التي وضعها للانسان - خليفة او ملكا - فان الجن جنس مستقل مشترك مع البشر في الحساب و المساءلة ، فلا قياس له علي باقي المخلوفات التي مصيرها التراب بعد استيفاء الحقوق و القصاص .
فالجن ليس من جملة ما استخلف فيه الانسان من مخلوقات و دواب و غيرها .. فلا أعلم كيف يترخص احد في الاستعانة بهم قهرا او طلبا بحجة الخلافة .
و اما امر سليمان عليه السلام فقلت لك أخانا و قد ثنيت انت نفسك بهذا ، فإن ما ملك سليمان كان عطية ربانية ، و العطايا لا سبيل لتحصيلها بالمهارة و العلم ، و إلا ما كانت عطية ، و لم يحصل سليمان عليه السلام ملكه من تلقاء نفسه و لا اجتهاد ، بل و قد منع هذا من النبي ﷺ علي قدره لأمر قضاه الله عز و جل ان هذا ملك لا ينبغي لأحد من بعد سليمان عليه السلام .. فكيف يتصور أحد انه ينبغي لمن دونهما من بعدهما ؟!
و ان حدث و تسلط بعض البشر علي بعض الجن او العكس فهذا من قبيل تسلط بعض الخلق علي بعضهم . . و ايهما فعل بالآخر فهو محاسب عليه .
و ان استعان بعضهم ببعض فهذا من سائر الافعال التي حلالها حلال و حرامها حرام ..
لكن الترخص في الأمر باعتباره رخصة للانسان كونه خليفة فهذا من إلزام ما لا يلزم و استنطاق للكلمات و الآيات بما لم تقل به .
و ان شئت ختاماً , فاقول لكل قارئ ، ان الاستعانة بغير الله جناً كان او بشرا بل و لو حجرا مع مظنة انه له قوة و يملك نفعا او ضرا بذاته ، او مستغنيا بهذا عن الاستعانة بالله فليس من الحق في شيء ، بل هو شرك يبطل به العمل و يحبط به .

﴿‌وَلَقَدۡ ‌أُوحِيَ إِلَيۡكَ وَإِلَى ٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِكَ لَئِنۡ أَشۡرَكۡتَ لَيَحۡبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ ٱلۡخَٰسِرِينَ﴾

و في النهاية كل امرئ محاسب علي العمل و النية .

نسأل الله الاخلاص و التوفيق و القبول .