الدنيا لا تأسر إلا الجبناء

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين
والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين

عندما دخلت في العشرين من عمري تأكدت أن السعادة التي كنت أدّعيها هي سعادة مزيفة كأني أسعى وراء السراب , , وكنت أنظر إلى الرجال في صغري وأرى بعيني شدّتهم وسعيهم وراء الحياة حتى كدت أجزم أنهم مجرّد آلات وليسوا بشرا , صحيح أنهم يصلّون ويصومون , لكن لا أجد أي هدف من وجودهم , كأنهم أموات يتحرّكون , واكتسب أطفالهم هذه القسوة فأصبحوا رجالا بلا مشاعر قلوبهم بلا تفكير , ولا يتحرك القلب إلا في حالة الحب والجنون , وتخيّلوا معي لو أن الحياة بلا أصوات أو أنك فقدت حاسة السمع لديك فلا تسمع شيئا إنما ترى الناس من حولك يتحرّكون بصمت , فما هو شعورك ؟
هو أشبه بفيلم كرتوني لمخلوقات رسمت بقلم الرصاص تتحرك بلا صوت , وهؤلاء الناس من بين كل ألف شخص يخرج واحد منهم ليستخدم عقله بعناية , ومفتاح الخروج من هذه الغياهب المتتابعة هو سؤال واحد :
( ماذا أريد من الحياة)
بالفعل , ماذا أريد من الحياة , هل سبق أن سألت نفسك ؟ 

كنا أطفالا أقصى ما نتمناه أن نشتري مثل فلان وفلان , أن نلعب , أن نملأ ثيابنا بالطين ثم نعود لنوبّخ من أهلينا , ثم نأكل وننام , في المدرسة لا نفكّر إلا في اللعب والشغب , وبعضنا من المجتهدين يبقى صامتا لا يتحرّك حتى لا يعاقب , إما خوفا أو أدبا تعلّمه من أهله , ثم نكبر قليلا وكأننا نسير على طريق فنجد بعد فترة من المسير استراحة أخرى نتعلّم فيها كيف نراهق , كيف نلاحق الفتيات وكيف نعصي من هم أكبر منا سنا , يقول أصحابنا لنا ( صرتم رجالا فلماذا يتحكّمون بكم وكأنكم أطفال ) ثم نكمل المسير فنصبح أشد مراهقة وارهاقا للآخرين , نسبب الإزعاج والمشاكل , لكن بعضا منا أيضا لا زال لديهم بعض الاحترام لأهليهم , وذلك بالتربية السابقة نكبر قليلا لنصبح أصحاب أعمال وتجارات ونتزوج وكذلك بعضنا ينحرف عن جادة الصواب ويمشي في طريق مليء بالظلم والظلام , فنسرق ونكذب ونخرّب ونعتمد على الآخرين , أما الذين تابعوا سيرهم في طريق العمل والجد فهم الذين سنتكلّم عنهم لأنهم اجتهدوا بأجسادهم وعواطفهم وبقيت عقولهم نائمة! يتزوّجون وينجبون أولادا مثلهم , وتتوالى الأجيال التي نسمّيها (أسوأ الأجيال ) الذين وجدوا الأموال وانفلتت عليهم الدنيا كما ينفلت الكلب المسعور ليفتك بأسنانه الضحية , فيسرع نحوها , فتموت أسوء ميتة!
إنه روتين الحياة القاتل! عندما تموت الأهداف عندما نعجز عن التغيير والإصلاح نصبح آلات متحركة ومتحجرة لا هم لنا سوى دنيا حقيرة!
فقط نعيش لنرضي غرورنا ومصالحنا فتنحط قيمنا وتموت ضمائرنا فمن ينعش الضمائر الميتة والقلوب المتحجرة!
إفتحوا قلوبكم وإحتضنوا أحلامكم بقوة وتشبثوا بالخير جددوا أفكاركم بما يوافق القرآن والسنة غيروا حياتكم أخرجوا عن صمتكم.. أنت مسلم ولست تمثال لست قالب لست صخرا لست آلة أنت إنسان مسلم تملك كنزا وهو القرآن والسنة جدد أهدافك غير حياتك فالدنيا قصيرة تطلع إلى القمة حيث الطريق إلى الله تحلق بروحك إلى أعلى مكان ولا تدفن نفسك بين حثالة الدنيا وركامها فهي فانية وأنت ميت فعش بعملك الصالح فوحده من يرفعك عندما تتهاوى الجيف وتسقط الأقنعة وتفوح رائحة الضمائر العفنة ويعلو ضجيج الحياة وعندها أنت تكون قد سموت بروحك بعيداً عن سجن الدنيا عش حرا ومت حرا فالدنيا لا تأسر إلا الجبناء!

منقول من قناة عبير الجنة الدعوية على التيلغرام
@abieraljana5

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وجزاك الله خيرآ وبارك الله فيك أختي الفاضلة/بنت القدس وكلامك صحيح لا غبار عليه/ اما (المؤمنين الصادقين) لن تعلوا الدنيا الدنية قدرها عند الله ثم عندهم.