بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين
والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
في (صحيح مسلم) عن عياض بن حمار أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في خطبته: ((وأهل الجنة ثلاثة: ذو سلطان مقسط متصدق, ورجل رحيم رقيق القلب لكل ذي قربى ومسلم, وعفيف متعفف ذو عيال. وأهل النار خمسة: الضعيف الذي لا زبر له, الذين هم فيكم تبعاً لا يبغون أهلاً, ولا مالاً. والخائن الذي لا يخفى له طمع وإن دق إلا خانه, ورجل لا يصبح ولا يمسي إلا وهو يخادعك عن أهلك ومالك وذكر البخل, والكذب, والشنظير الفحاش))
ففي هذا الحديث جعل النبي صلى الله عليه وسلم أهل الجنة ثلاث أصناف.
أحدهما- ذو السلطان المقسط المتصدق, وهو من كان له سلطان على الناس, فسار في سلطانه بالعدل, ثم ارتقى درجة الفضل.
والثاني- الرحيم الرقيق القلب, الذي لا يخص برحمته قرابته, بل يرحم المسلمين عموماً، فتبين أن القسمين أهل الفضل والإحسان.
والثالث: العفيف المتعفف, ذو العيال, وهو من يحتاج إلى ما عند الناس فيتعفف عنهم, وهذا أحد نوعي الجود أعني العفة عما في أيدي الناس لا سيما مع الحاجة.
وأما أهل النار فقد قسمهم النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث خمسة أصناف.
الصنف الأول: الضعيف، الذي لا زبر له، ويعني بالزبر القوة والحرص على ما ينتفع به صاحبه في الآخرة من التقوى والعمل الصالح, وخرج العقيلي من حديث أبي هريرة مرفوعاً: ((إن الله يبغض المؤمن الذي لا زبر له)) قال بعض رواة الحديث: يعني الشدة في الحق, ولما حدث مطرف بن عبدالله بحديث عياض بن حمار هذا وبلغ قوله(الضعيف الذي لا زبر له)فقيل له: أو يكون هذا؟ قال: نعم والله, لقد أدركتهم في الجاهلية وإن الرجل ليرعى على الحي ماله إلا وليدتهم يطؤها وهذا القسم شر أقسام الناس, ونفوسهم ساقطة, لأنهم ليس لهم همم في طلب الدنيا ولا الآخرة, وإنما همه شهوة بطنه وفرجه كيف اتفق له، وهو تبع للناس خادم لهم أو طواف عليهم سائل لهم.
والصنف الثاني: الخائن: لا يخفى له طمع وإن دق إلا خانه أي يعني لا يقدر على خيانة ولو كانت حقيرة يسيرة إلا بادر إليها واغتنمها, ويدخل في ذلك التطفيف في المكيال والميزان, وكذلك الخيانة في الأمانات القليلة كالودائع, وأموال اليتامى, وغير ذلك, وهو خصلة من خصال النفاق, وربما يدخل الخيانة من خان الله ورسوله في ارتكاب المحارم سراً مع إظهار اجتنابها.
قال بعض السلف: كنا نتحدث أن صاحب النار من لا تمنعه خشية الله من شيء خفي له.
الصنف الثالث: المخادع، الذي دأبه صباحاً ومساء مخادعة الناس على أهليهم وأموالهم والخداع من أوصاف المنافقين كما وصفهم الله تعالى بذلك, والخداع معناه إظهار الخير, وإضمار الشر لقصد التوصل إلى أموال الناس وأهليهم والانتفاع بذلك، وهو من جملة المكر والحيل المحرمة، وفي حديث ابن مسعود، عن النبي صلى الله عليه وسلم: ((من غشنا فليس منا والمكر والخداع في النار))
الصنف الرابع: الكذب والبخل
الصنف الخامس: الشنظير وقد فسر بالسيء الخلق، والفاحش هو الفاحش المتفحش.
وفي (الصحيحين) عن عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إن من شر الناس منزلة عند الله يوم القيامة من تركه الناس اتقاء فحشه)).
وفي الترمذي عن ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم: ((إن الله يبغض الفاحش الفاحش البذيء)) والبذيء الذي يجري لسانه بالسفه ونحوه من لغو الكلام.
وفي (المسند) عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((بحسب امرئٍ من الشر أن يكون فاحشاً بذيئاً بخيلاً جباناً))فالفاحش هو الذي يفحش في منطقه ويستقبل الرجال بقبيح الكلام من السب ونحوه، ويأتي في كلامه بالسخف وما يفحش ذكره