المهدوية ليست نبوة

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
سبحان الله العظيم و بحمده .
و الكلام كما العنوان .
فالمهدوية ليست نبوة ، و المهدي ليس نبيا .
و لا اقصد ظاهر القول فقط ، فإن عدم كون المهدي نبيا لهو أمر مفروغ منه البتة .
لكن اقصد هذا اللبس في فهم المهدوية عند البعض الذي يجعلهم يقيسوها علي النبوة .
كيف هذا ؟؛
يعتقد من يعتقد انه لابد ليكون المهدي مهديا ان تزول شكوكه و يتيقن من مهديته .
و اقول : هذا فهم غريب ، جوهره المعتقد ان قيام المهدي بالأمر كقيام النبي بأمر النبوة ، يلزمه تمام المعتقد و كماله في صدق نبوته ، و علي هذا قاسوا مهدية المهدي .
و نسوا هؤلاء ان تيقن المهدي من مهديته نقيصة في صلاحه و متى فعل هذا يكون قد وقع في فخ تزكية النفس .
بل اقول ، سيظل المهدي مكذبا لنزغات نفسه و تزكية من حوله و شهادتهم له بالمهدوية التي قصدها النبي ﷺ حتى تمام اجله .
من أين لي هذا ؟!
هذا درب الصالحين جميعا ، من بعد النبي ﷺ ، فقد بشروا بالجنة من قبل أصدق الناس خبرا و حديثا ، ثم هو ذا عمر بن الخطاب يقول :
عَبْدِ اللهِ بْنِ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ قَالَ: رَأَيْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ أَخَذَ تِبْنَةٍ مِنَ الْأَرْضِ، فَقَالَ: يَا لَيْتَنِي لَمْ أَكُنْ شَيْئًا، لَيْتَ أُمِّي لَمْ تَلِدْنِي، لَيْتَنِي كُنْتُ نِسْيًا مَنْسِيًّا.

و ان كان المهدي الذي ننتظر فضل الله في ظهوره يصح ان يقارن بالفاروق ، فما هو بالذي يقول اقل من مقالته او يتجرد إلا كمثله ، بل ترك هذا من نقيض الهدى و ضده .
والله أعلم .

فمتى بكف المتوهمون عن المعتقد ان الرؤى تنبئ بخبر لهم ، و متى يكف من يعتقدون انهم يوقظون المهدي برؤاه.
كل من غلب عليه ظنه من الرؤى او من غيرها انه المهدي فهو قطعا ليس المهدي ، بل ليس مهديا اصلا و نسأل الله السلامة من حسن الظن بالنفس ، و سواء صرح بهذا او لمح ، أو كتمه كله ، و إن كان فساد المصرح اوضح .
و هذه علامة فيه اقولها ، ليس من عندي , بل اذكر بها .
والله أعلم .

الاخ راجي .
كأنك لم تقرأ ما كتبت ، فرددت علي شيء غيره لعله علق بذهنك .
فما هي كثرة المواضيع التي تشكو منها ؟!
و ما هو الخوض الذي رأيته في كلامي هنا او غير هنا ؟!
بل اراك بعد لم تحزم امرك في حال المهدي ، فساعة تقيس له علي عثمان ارطغرل ، و ما اعلم من هو هذا العثمان حتى تقارنه بالخليفة المهدي !!
ثم بعدها تضرب المثل له بالانبياء !!
اقول هذا تخبط عجيب .
و ان منهجي في المهدي لم يزل ثابتا لا يتغير ، و ان ما يتغير عندي هو استخلاص الحكم من رؤاه ، سواءا في محتواها او الغاية منها بالكلية.
و لو جاريتك في ان الرؤى تأتي " لتهيأه " هو شخصيا ، اذا فلما يراها له غيره من المحيط الي الخليج ؟!  ، ما حاجتنا نحن لان يصلنا خبرها ؟ و ما حاجته هو لأن تأتيه من غيره ؟!
اعتبارك هذا للرؤى يجعل من ذيوعها ترفا و سرفا بلا غاية ، و لا يجيب عن السؤال ؛ إذا كانت الرؤى تأتي لتنبهه او نحو هذا ، فلماذا لا تأتيه هو وحده ؟!
و انك اذ شغلك الرد علي عن فحوى ما ترد عليه ، لم تتبين ان طرقي الموضوع انما هو اجتهاد في الاجابة علي هذا السؤال .
و ان الاجابة التي ارى من ثغور كلامك انك تعتقدها هي عينها معتقد معظم اصحاب القنوات و دعاة المهدية او الممهدين لها ، ألا و هي ان المهدي يحتاج من يوقظه ، و ان الحكمة من الرؤى هو " تهيئته "  .. و هذا درب خطير ، يجعل من المعبر عرضة للاعتقاد كما لو  انه في مهمة عظمى لتبيان الرؤى و انه يساهم في " تهيئة المهدي للأمر " ، مع ان معظم المعبرين يعلم ان المهدي يجيد تعبير الرؤى ، فليس محتاجا لجهود المعبرين الحثيثة !! ، و مآل هذا الظن من المعبرين هو الاختلاف و التخالف ، فكل واحد يظن انه سادن رؤى المهدي و الأمين عليها ، او كما سمى احدهم نفسه " بحامل سره " .
و انا في مواضيعي و طرحي انما احاول تصفية هذه الاوهام و الظنون التي تقود إلي الفرقة و الاختلاف ، و في النهاية تؤول الي اسقاط أمر المهدي و خبره من عيون العامة بعد اذ يرون هذا الاختلاف و التخالف .
و مدار كلامي كله ، هو شرح اعتقادي ان مرد هذا السلوك و المعتقد إنما جاء - بتقصد او بدون - من اتباع اقوال الصوفية في المهدي انه صاحب الولاية الخاتمة و غير هذا من كلامهم ، وما قالوه بأنه المجذوب الذي لا يعلم كنه نفسه و لا حقيقة مرتبته ، إلى اخر كلامهم عنه ،  فتفرع من هذا معتقد عام أنه شخص يجهل حقيقة نفسه ، بل و ان الطريق لظهوره هو تعرفه علي نفسه و التنبه لقدره ، و بعضهم يقول " قدراته " .. ثم نشأ من هذا جيل من المعبرين ظن انه يحمل هذه الامانة علي عاتقه من ايقاظه و تنبيهه ، و هكذا تدحرجت كرة الثلج حتى وصلنا الى ما وصلنا إليه .
و انا في كل مواضيعي أحاول تفنيد هذا و تنقيته من هذه الظنون التي ينتج عنها هذا السلوك .
فكلامي واضح ، المهدوية ليست نبوة ، لا هو محتاج لايقاظه ، من الرؤى ، و ان كان هناك حكمة في ذيوع رؤاه علي العامة ، فهي ليست لتنبيهه ، و لكان اغنى عن هذا ان تأتيه الرؤى بشخصه او اهله او عشيرته الاقربين ، و منهجي دوماً ان المهدي لا ينزل الرؤى علي نفسه و ان علم انها تطابق احواله ، و شأنه في هذا شأنه في بيعته ، منكر لاستحقاق ذاته لهذا المقام ، و لو صح ان الرؤى تنبهه لكان منه ان قبل البيعة بعد ان " تنبه او تهيأ " لها .. و كما ترى فإن هذا النهج في فهم الرؤى لابد مفضي الي معارضة الحال التي وصفها الاثر الشريف ، فلابد اذا ان الحكمة من الرؤى ليس ان يصدقها ، بل ليقاومها و يقاوم دلالتها عليه .. قلت و هذا درب الصالحين دوما ، لا يسمحون لحسن الظن بالنفس ان يتسلل الي قلوبهم .
و ما كان كلامي خوضا بزعمك ، لكن قست حال المهدي علي من يجوز اعتباره صنوه في الحكم ، عمر بن الخطاب رضوان الله عليهما .
و ان قصدي و نهجي واضح منذ بداية كتابتي .
لكن الرأي مستحكم عند بعض الناس .
و إنما هو بلاغ .
والله أعلم بالحق و الصواب .