كيفية الاصلاح و ما بعده .

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
سبحان الله العظيم و بحمده.

حينما تعطي وقتا وافرا في الانشغال بالمهدي و البحث ان كنا فعلا في زمنه ام لا ، اجدني تقفز في رأسي أسئلة كثيرة ، يسوقها الفضول ، و ان كان اكثر الفضول لا يأتي بخير .
لكن هذا واحد من الأسئلة التي لم يتفرد بها فضولي وحدي ، بل طرقه من هو خير مني منذ أزمان و حتى اليوم ، فأرجو بهذا ألا يكون بدعة فكرية من رأسي.
و هو ماهية الإصلاح ؟!
ما معنى الإصلاح ؟! و هل له علاقة بلقب " المهدي " ؟!
معظم ما نعلمه عنه يختص فقط بلحظة البيعة و كيف يأخذها كارها .. فمتى يكون إذا الاصلاح ؟ !
ان كان الاصلاح بعد البيعة فكيف يبابع علي ما فيه ؟! هذا ان كان معنى الإصلاح انه اصلاح ديني قلبي !!
و ان كان قبل البيعة ، فكيف يأخذها مكرها ؟! ألم يكن الاصلاح ساعتها متضمنا ان يعرف ماهية نفسه و ما عليه ؟!

انا احاول السير في كل السيناريوهات و تمثلها علي قدر المستطاع ، لكن ما زلت لا اعرف كيف تتوافق ؟!
لا أجد إلا احد امرين .
الأول: ان الإصلاح اصلاح شخصي ، يحدث قبل البيعة ، و ليس له علاقة بمهديته ، فتلك يعرفها لاحقا ، بأحد أمرين ؛ ان يتفطن لها بعد جيش الخسف ،
او انها تكون متحصلة بحكم الحال و ما يظهر من عدله و فعله ، فيتفطن الناس انه المهدي بحق ، فتأتي متاخرة ، كاستحقاق لخلافته لا تعريفا بشخصه .
جدير بالذكر ، ان معنى هذا المسار الاخير ، ان كلمة المهدي تكون لقبا يطلقه الناس عليه ، اكثر من كونها مرتبة يصلها بالاصلاح او يترقاها بالعمل و العبادة .
و في تصور كهذا ايضا : فان المهدي يظهر و الناس قد تقول " لا مهدي " ، و انما اتباعهم ساعتها لهذا الشخص يكون استجابة لسريان الاحداث و اضطرار الوقائع المتوالية من الفرقة و الاقتتال و غيرهما من اضطراب.
الأمر الثاني .
ان الاصلاح هو عين الهداية ، و كلاهما واحد ، و انما لفظان يصفان أمرا واحدا ، بمعنى انه متى تم اصلاحه يكون ساعتها المهدي .
و في هذا الطريق ، ان التعرف علي كونه المهدي ليس له علاقة بالاصلاح ، و تكون المهدوية لقبه من رسول الله ﷺ ، فتكون لازمة له كالاسم ، لا صفة لحال يظهر منه او فعل يقوم به من افعال الحكم او العثور الي شيء خفي او غيره .
فتكون كلمة المهدي أقرب انها بديل لجملة " الذي اصلحه الله " .. و تكون الهداية ساعتها هي الاصلاح و الصلاح .
و في تصور كهذا ، فلقب المهدي هو لقب شرفي يعرفه به الناس سيرا علي نهج النبي ﷺ  لا اكثر ، في تسمية الرجل الذي صفته ما وجدوه فيه و في احوال بيعته .
و هذا التصور الاخير خطير ، لأنه لو لم يكن لقب المهدي صفة متحصلة بفعل او حال ظاهر ، و انما مجرد لقب كإسم ، فان هذا الأمر قابل للسطو عليه من قبل المدعين بتقليد الأحوال و السمات التي تسبق البيعة ، و قد يصل الامر - في تصور متطرف - إلى ان يحكم احدهم منتحلا شخصيته و لو لوقت صغير .

ما أميل له هو ان المعنى من الحديث النبوي الشريف " فإنه خليفة الله المهدي "  أي الذي سيكون بفضل الله علي الامة خليفا مهديا في حكمه .
و ان الناس ستميزه بهذا اللقب و تقر له علي مراحل ، من يعرفه و يطلبه فهم الاوائل ، و من الناس من لا يقر له بهذا و ان دخل في طاعته ، حتى يرى فعله .
أما هو ، فأظن أنه سيظل حاله من مهديته علي نفس الحال التي توقف عندها اثر البيعة ، كارها ، غير مصدق انه هو ، و انما يجتهد فيما أكره عليه من حمل أمانة الناس .. و كأنه كتب عليه ان يظل يدفع عن نفسه ظنون حسن العمل و تزكية النفس حتى يشاء الله ، اقول - والله اعلم - هكذا كان عمر رضي الله عنه ، و هكذا سمت الصالحين المهديين بحق ، يشهد لهم من حولهم و هم منكرون خائفون متوجلون حتى النهاية .
---------------
بقي معنى للاصلاح لم اذكره .
ألا و هو إصلاح احواله الدنيوية ، و لعل بهذا يتم صلاحه الداخلي ، فلا تؤرقه أحوال الدنيا و شواغلها عن الصلاح النفسي و الديني.
و في معنى كهذا ، فإنه بالاصل رجل صالح ، لا كما قال عنه البعض انه بخلاف هذا من ناحية الطاعة ، و إنما كان يعوقه دون القيام بها علي كمالها الذي يبلغه من هو مثله امور و شواغل دنيوية ، كالمال و غيره .
.....
اعتذر علي الإطالة ، و انما هي تأملات و ترف فكري ، لا ينفع العلم به ، و ارجو ألا يكون مضرا