رؤى المهدي و بعض معانيها .

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
لاشك أن أي متتبع لرؤى المهدي سيجد فيها أسئلة اكثر منا كان ينتظر من اجابات .
و لست هنا بمعرض الكلام عن دقايقها و تفاصيلها ، لأنها من الامور القابلة للرأي و الخطأ فيه .
لكن هناك شيئين بديا لي في رؤى المهدي رغم قصر الفترة التي عالجتها فيها .
الأول:
إنها تخص أهل فلسطين في عمومهم و أهل غزة في خصوصهم .
و أنا هنا لا أتكلم عن حضور المهدي في رؤى غزة او العكس ، بل أقصد ابعد من هذا .
كثير من رؤى المهدي يكون المقصود بالمهدي فيها هم أهل غزة ، و هذا التأويل يفتح وجها للرؤى كباب مخفي ، له دلالات و خواطر قد لا يتسع في بعض الرؤى تقليصها في كلمات ، لكن كأنها تحس فقط .
و هذا من كرامة أهل غزة و الله أعلم ، و هذا أيضا يدل علي ارتباط وثيق و تشابه في بلاءات اهل غزة مع حياة المهدي ، فكليهما ذوي انفة و تعالي عن الدنية ، و لكن منعا خير الدنيا في كثير من حياتهما ، وهما رغم صلاحهما إلا انهما مخذولان من البشر و من أقرب من كانا يرجون نصرته ، أو هكذا ظني في بعض رؤى المهدي .. و لا أجزم .
لكن هذا شيء تبين لي بعد مدة فاحببت تركه بين يدي من يعبر ، ألا و هو أن المهدي في بعض الرؤى له وجه تعبير أنه ينوب عن اهل غزة و بيت المقدس ، بل حتى اذا اتى في الرؤية قمرا او بدرا .
هذا التعبير لا يناقض ترافق و تراكب وجه آخر عن المهدي نفسه في الرؤيا .
و هذا من اعجب ما رأيت في رؤى المهدي ، أنها بالغة التعقيد و تراكب المعاني و الرسائل و عمقها علي السواء .، للدرجة التي تجعلك تنوء بحملها او بتتبع ما فيها .


الأمر الثاني : و هو الأهم .
إن المهدي في رؤاه التي ظهرت للناس ووتداولناها هو جميع الصالحين .
و قد يبدو هذا تخريفا للوهلة الاولى ، لكن لفهمه يجب استذكار سؤال مهم قبلا ، لماذا كشف الله لنا نحن عامة الأمة رؤى تخص هذا العبد الصالح بهذه التفاصيل و هذا الشيوع ؟!
ما حاجتتا لمعرفتها إن كانت تخصه أو أتت له ؟!
و ما وجدته في الرؤى أمر محير لكني أظنه مقصود ، و الله أعلم ،  هذه الرؤى و كثير منها تتشابه فيها احوال المهدي و مواقفه مع احوال معظم الناس من العامة ، و هذه الرؤى تحمل دعوى مبطنة للجميع أن يسلك مسلكه ، بل و أن يعتبر نفسه المهدي!!
و هذا أمر قد يستشكل فهمه ، لكنه كذلك ، الرؤى تقود الناس نحو الاعتقاد انهم قريبون منه ، و بعضهم لا يكبح جماح الفكرة فيصل الي التوهم الكامل أنه هو .
هذا المعنى ، المقصد منه هو حض الجميع علي الإقبال علي الله و علي الاخرة ، حتى ولو كان مطية هذا هو شعور عارض بأن الشخص ربما يكون المهدي او قريبا منه او يراه او يبايعه في يوما ما ، أنها مع اخبارها عن أحواله ، فهي ايضا رسالة للعقل الباطن للتجهز و التزود و العزم علي سلك مسالك الهدى .
لماذا ؟!
لأن الوقت ينفذ ، و هذا اخطر و اهم ما اريد قوله في هذا الموضوع .
لو صح الظن في كثير من الرؤى و معها الكثير من استقراءات الوضع الحالي ، فالعالم مقبل علي حروب كبرى ، و كوارث عظمى ، تفوق وصف الكلمات لها من شدتها .
الرؤى تحض الناس حضا علي الاسراع في المسير ، حتى و لو علي حساب اعتقاد عارض ان الفرد قد يكون المهدي ، رغم انه في الحقيقة ليس هكذا ، و من ضلوا فهم الذين حملوا هذا الوازع الذي المراد منه التشجيع علي الاقبال علي الله ، إلى كونه حقيقة ، فتدللوا بما صدقوه في أنفسهم علي الله و علي عباده .
روى البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: عجب الله من قوم يدخلون الجنة في السلاسل. .
و هذا كلام. عجيب جدا ، و من معناه أن الله يسوق بعض الناس سوقا إلي الجنة حتى و إن بدا ظاهر حالهم الإجبار .
و بعض الناس تكون مشاعر المهدوية الخفية سببا في هدايته .
لكن الحقيقة ان الرؤى هي دعوة عامة لنا جميعا ان الهداية ليست حكرا علي المهدي ، و الوقت يمر سريعا قبل ملاحم و كوارث تسبق ظهوره ، و قد يذهب فيها خلق كثير جدآ من العرب ، فلا وقت للتأخير ، سواء اعتقدت ام تعتقد انك هو اقبل علي الله ، فقط لا تبالغ في التصديق ، لكن انج بنفسك إلي الجنة و أعمالها .

أو علي الأقل هذا ما بدا لي في رؤى المهدي و حرصها المتكرر علي ذكر امور يتشابه فيها مع معظم الناس ، حتى أصحاب الذنوب منهم !! بدلا من ذكر اشياء يتفرد بها و تخصصه !!  و هذا التكرار في الرؤى كان و مازال علامة استفهام كبيرة .
ما حظنا منها ؟! و كأنها تدعو الناس دعوة و تدعهم دعا نحو التوهم ، نحو التصديق في النفس انها لم يفت الوقت عليها ، ان لا تقنط ، ألا تنظر لنفسها شذرا فتمضي بقية الأجل لهوا ، إنها كانت تدعوهم للهداية بغرس فكرة عميقة مفادها " ربما ، و لم لا ؟! "  ، و إن ظن البعض انها كانت تدعوه للمهدوية نفسها .
قلت و هذا - إن صح - فهو من المكر الحسن اللطيف بالغافلين ليدخلوا الجنة ، و امتحان لأهل الصلاح ألا يغتروا .


الخلاصة ، الوقت يمضي سريعا ، و الأيام حبلى ، و لا أعلم هل يطول بنا الأجل فيما هو آت حتى نرى ما نتمنى أم لا !
، نسأل الله السلامة في الدين و الدنيا و حسن الخاتمة .