عابرون لا أكثر...!

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين
والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين:

من يغوص في نفوس البشر المظلمة يدرك تماماً أن الوقت الذي يذهب لا يعود والوقت الذي يمر ونحن نحاول التنقيب عن الخير بقلوبهم يأخذ من أعمارنا الكثير وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أخبر وهو الصادق الأمين الذي لا ينطق عن الهوى أخبر عن زمان الفتن واشراط الساعة أن أمته ستعود إلى الكفر بعد الإسلام فقال عليه الصلاة والسلام:' منعت العراق مديها ودرهمها وقفيزها، ومنعت الشأم مديها ودينارها، ومنعت مصر إردبّها ودينارها، وعدتم من حيث بدأتم، وعدتم من حيث بدأتم، وعدتم من حيث بدأتم" رواه مسلم، قال الشوكاني في نيل الأوطار شارحا: " وعدتم من حيث بدأتم...أي: وعدتم إلى الكفر بعد الإسلام" إذن فهو كفر يصيب عموم الأمة( يعني أغلبهم) ولهذا استعمل النبي صلى الله عليه وسلّم في كلامه السابق(وعدتم) ضمير الجمع" أنتم"، ولا يسلم من هذا التعميم إلاّ الطائفة الناجية التي أخبر النبي صلى الله عليه وسلم ببقائها في أمته وهم القلة القليلة طبعا، كما أخبرنا عليه الصلاة والسلام كذلك أن الإسلام بدأ غريبا وسيعود غريبا كما بدأ، ذكر النووي نقلا عن القاضي عياض رحمه الله تعالى في شرحه لكلام النبي صلى الله عليه وسلم السابق أن "الإسلام بدأ غريبا" أي: بدأ في آحاد الناس لا يعرفه إلا الواحد بعد الواحد وسيعود كما بدأ في آحاد الناس لا يعرفه إلا الواحد بعد الواحد
(.... وعدتم من حيث بدأتم)!!

فلماذا نتوقف كثيرا عند الصعاب في هذه الغربة وتتعثر خطواتنا ونحمل هم الدنيا بقلوبنا فيزيدنا هما ومرضا ووهنا ونركن لأوجاعنا ونعيش بتلك الزاوية المظلمة التي لا نافذة بها تطل على إشراقة شمس جديدة بحياتنا فنعيش مقيدين بهذا المرض المسمى حب الدنيا!

أنت يا من تقرأ هذه الكلمات أنت من أمة محمد صلى الله عليه وسلم أريدك أن تشعر بعظمة هذه الكلمة وتعيشها واقعاً وتعمل عملا يستحق أن ترفع رأسك وتقول أنا من أمة محمد صلى الله عليه وسلم ليس قولاً وفقط أنت فعلاً من أمة محمد صلى الله عليه وسلم فهل أعددت لهذا اليوم الذي تتوق روحك فيه للقاء محمد صلى الله عليه وسلم هل فعلاً نحن من اتباع محمد صلى الله عليه وسلم أم غيرنا بعده الكثير غيرنا وتغيرنا!! هل نحن من الغرباء بهذا الزمن!

فهلّا عدنا للحق لكي لا نكون ممن قال بهم صلى الله عليه وسلم:
عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : ( إِنِّي عَلَى الْحَوْضِ أَنْتَظِرُ مَنْ يَرِدُهُ عَلَيَّ مِنْكُمْ ، فَلَيُقَطَّعَنَّ رِجَالٌ دُونِي ، فَلَأَقُولَنَّ : يَا رَبِّ أُمَّتِي أُمَّتِي ، فَلَيُقَالَنَّ لِي : إِنَّكَ لَا تَدْرِي مَا عَمِلُوا بَعْدَكَ ، مَا زَالُوا يَرْجِعُونَ عَلَى أَعْقَابِهِمْ ) .
رواه أحمد ( 41 / 388 ) وصححه المحققون

أتمنى أن لا نكون من هؤلاء الذين انتكسوا ورجعوا عن هدي محمد صلى الله عليه وسلم!

الدنيا جسر العبور للحياة الباقية فعلينا بإصلاح هذا الجسر كي لا يهوي بنا ونتساقط قبل أن نصل إلى طريق النجاة فلنعمل على ترميمه من الآن فلتكن حياتنا لله ومماتنا بسبيل الله تعلموا التوحيد والعقيدة وعلموها لاطفالكم لتكونوا ممن ينصر دين الله ولتكن أسمى أمنياتكم رضا الله والفوز بالجنة أعلنوا البراءة من الشرك والمشركين ولتصدح بها قلوبكم قبل حناجركم والله الذي لا إله إلا هو أنه طريق واحد طريق الحق واحد فقط لا ثاني له هو طريق محمد صلى الله عليه وسلم وصحبه فلا تحيدوا عنه ولا تركنوا للطغاة لا تتملقوا لهم ولا تنافقوهم هذه عقيدة وليست مسرحية لا مجال للتملق والنفاق والمداهنة بالعقيدة لا مجال للتصنع وإخفاء الحق لا مجال للهزل هذا زمن القابضين على الجمر فكونوا منهم.

العقيدة تميز بين المسلم والكافر فإذا كنت مسلم بحق فتمسك بالعقيدة بزمن الغربة بهذا الزمن المليء بالكفر والنفاق بهذا الزمن الذي قد تجد أخاك عدوك وصديقك خصمك والعالم ضدك
كن موحدا ولا تخشى أحدا الخوف صديق الفشل الخوف يجعلك مقيدا لا تعرف العدو من الصديق لا تعرف الحق من الباطل تحرر من قيودك وانطلق بركب دعاة الحق دعاة التوحيد
السجن الحقيقي هو سجن الروح وليس سجن الجسد جسدك بالنهاية سيفنى وروحك باقية لهذا من عمل صالحا فلنفسه ومن أساء فعليها.

“إذا نافسك شخص في دينك فنافسه
وإذا نافسك على دنياك
فألقها في نحره ”
أقولها لكم من قلبي الدنيا لا تستحق أن نتنافس عليها فليكن عملك للحياة الباقية وليس لدنيا فانية..!!

قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «ما الدنيا في الآخرة إلا كمثل ما يجعل أحدكم أصبعه في اليم، فلينظر بم ترجع؟» وفي حديث آخر: «الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر» رواه مسلم. وفي حديث آخر: «لو كانت الدنيا تعدل عند الله جناح بعوضة ما سقى منها كافراً شربة ماء». رواه الترمذي وصححه. وفي حديث آخر: «ألا إن الدنيا ملعونة ملعون ما فيها، إلا ذكر الله وما والاه، وعالم أو متعلم”
وروى أبو موسى، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: «من أحب دنياه، أضر بآخرته، ومن أحب آخرته أضر بدنياه، فآثروا ما بقى على ما يفنى»

لهذا لا تقلق من تدابير البشر وقصة يوسف عليه السلام خير دليل أراد إخوته قتله فلم يمت وبيع بثمن بخس ليصبح عبدا مملوكا فأصبح ملكاً فلا تقلق من تدابير البشر فأقصى ما يفعلونه هو إرادة الله بك
وهذه أم المؤمنين عائشة الطاهرة رضي الله عنها زوجة أعظم البشر هل سلمت من أذى الناس؟ قذفوها بعرضها وهي زوجة أعظم الخلق ورغم أن الله برأها بالقرآن وهو كلام الله لكن ما زالت إلى اليوم الألسنة تؤذيها؟!

فمن نحن لكي لا نتعرض للأذى والإبتلاء وقد إبتلي قبلنا الرسل والصحابة والصالحين!

تأكد طالما أنت على الطريق المستقيم سيضع الله أمامك إختبارات كثيرة ليختبر قوة الحق بداخلك وثباتك وإيمانك بهذه الدنيا لن تسلم من الناس حتى لو أغلقت على نفسك الأبواب والنوافذ واعتزلتهم لهذا إمضِ بطريقك بلا توقعات من أحد لكي لا تصاب بالخيبة والخذلان فقط إعتمد على الله ثم على نفسك كن قويا فهذه الدنيا تميت الضعفاء قهراً ولا تلتفت للمثبطين من حولك

الظالم والمظلوم سيموتون الفقير والغني المطيع والمذنب الجميع راحلون لكل إنسان نهاية لهذا أنعشوا قلوبكم وضمائركم بمخافة الله وتأكدوا أن من عمل صالحا فلنفسه ومن أساء فعليها; وما ربك بظلام للعبيد.

ما الذي تغير فينا حتى قست قلوبنا لماذا إنحط واقعنا؟ لأن مبادئنا إنحطت ونفوسنا رَخُصت وأصبح كل همنا دنيا زائلة ومخافة الله ألقينا بها وراء ظهورنا!

قيل لابن سيرين عندما خسر ثروته : خسارتك عظيمة ! قال : هذا ذنب أنتظر عقوبته منذ 40 سنة . فسألوه : وما هو ؟ قال: عيّرت رجلًا وقلت له يا فقير!
سبحان الله! رغم زهده وصلاحه لكنه أدرك أن الدنيا تدور فظل هذا الذنب يؤرقه!أما بهذا الزمن قد يقتل شخص آخر ظلماويذهب وينام ليله الطويل!؟

إذاً المشكلة فقدان شباب اليوم الشعور بالذنب أو المسؤولية وحتى نجد بعض شباب اليوم لا يفهمون غاية وجودهم بالحياة الحياة ليست مصالح ليست مال ليست متاع وفقط ليست أولاد وفقط هناك عقيدة أولاً يجب أن تفهمها ثم عبادات عليك القيام بها وهناك واجبات تجاه الأمة الإسلامية بشكل عام يجب أن تحمل هم الدعوة إلى الله كل شخص حسب قدرته فمثلاً هناك من يستطيع تغيير المنكر بيده وهناك من يستطيع بلسانه
وهناك شعور يجب أن يكون بقلبك تجاه كل مسلم على وجه الأرض فمثلاً أسير مسلم ببلد غير بلدك كيف ستساعده الطفل المسلم الجائع بدول إفريقيا مثلاً النساء المسلمات اللواتي يتعرضن للإغتصاب على أيدي البوذيين كيف بالإمكان المساعدة؟ وهكذا إلى أن تمر على هموم المسلمين جميعا لا يجوز أن تكون مسلم وتفكربنفسك فقط يجب أن تشعر بالمسلمين وإن عجزت عن المساعدة ولم تتوفر لك سبل الإعانة فعليك بالدعاء لهم حاول نشر قضاياهم على صفحات التواصل الاجتماعي يعني بدلاً من وضع صورة لطبق طعام شهي على صفحتك الشخصية ضع صورة طفل جائع واكتب دعاء اللهم أرزقهم مثلاً وهكذا انت تذكر المسلمين بأوجاع إخوتهم قد يرى منشورك شخص لا يتصدق قد يرق قلبه ويتصدق اللهم لا تجعل الدنيا أكبر همنا يجب أن نشعر بمن حولنا من المسلمين وليس العيش ولسان حالنا نفسي نفسي ليس لهذا خلقنا الحياة قصيرة والدنيا كما قلنا هي فعلاً تدور شئت أم أبيت هذه حقيقة ثابتة ما تفعله اليوم بغيرك ستجده غداً بنفسك وبمن تحب
لهذا لا تعلقوا قلوبكم بالدنيا فغداً سيقال فلان مات انت عابر سبيل بها لهذا تخير من الأقوال والأفعال ما يرضي الله ولا تنخدعوا بالمظاهر والمناصب أو فلان شيخ أو قال الشيخ وبالنهاية تجد الشيخ يقبل يد فراعنة العصر وطواغيتهم ويغغو بقصورهم ويقبض ثمن خنوعه دراهم مغمسة بالذل!!

وفعلاً ما أكثر النفاق والكذب والظلم بهذا الزمن أين نجد المباديء أين نجد شباب وفتيات يحملون هم الدعوة وهم المسلمين ويسيرون بالطريق التي ترضي الله أتمنى لكل شخص يقرأ كلماتي أن يكون ممن يحمل هم الدعوة إلى الله ويسير بالطريق التي ترضي الله.

ولكم مني أطيب الأمنيات... تقبلوا مروري بهذا المنتدى ودمتم بحفظ الله ورعايته.

****بقلم أختكم بنت القدس****