زوجة الشهداء

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين
والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين

رمز الوفاء وزوجة الشهداء
هي أم حكيم بنت الحارث بن هشام بن المغيرة القرشية المخزومية رضي الله عنها، تزوجت من عدد من الصحابة الكرام (عكرمة بن أبي جهل، خالد بن سعيد بن العاص، وعمر بن الخطاب رضي الله عنهم أجمعين) وجميعهم نالوا شرف الشهادة في سبيل الله تعالى.
شهدت معركة أحد مع زوجها عكرمة بن أبي جهل وهي مشركة, وأسلمت يوم فتح مكة في السنة الثامنة للهجرة بعدما دخل دخل المسلمون مكة المكرمة فاتحين، عندها فرّ عكرمة رضي الله عنه من مكة قاصدا اليمن على أثر اهدار النبي صلى الله عليه وسلم دم من لا يستجيب لدعوته، وهنا يتجلى موقف أم حكيم الزوجة الصابرة المجاهدة المخلصة لدينها ولزوجها حين تجرأت ودخلت على النبي صلى الله عليه وسلم، وطلبت منه الأمان لزوجها عكرمة، فاستجاب النبي صلى الله عليه وسلم لطلبها ثمّ استأذنته صلى الله عليه وسلم في أن تسير في طلبه فأذن لها.
وتخرج في طلب عكرمة الى أن ادركته رضي الله عنهما على ساحل من سواحل تهامة وكان قد ركب البحر ناويا السفر، فجعلت أم حكيم تصيح عليه وتناديه قائلة: يا ابن عم! جئتك من أوصل الناس، وأبرّ الناس، وخير الناس، لا تهلك نفسك وقد استأمنت لك من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فطلبت لك منه الأمان فأمّنك، وهنا وبآذان واعية وقلب مفتوح يصغي عكرمة الى كلمات زوجته ويعود معها الى مكة وأمام حضرة النبي صلى الله عليه وسلم يعلن اسلامه.
استشهد عكرمة في معركة اليرموك ليترك زوجته أم حكيم رضي الله عنهما حزينة وحيدة، وكان خالد بن سعيد بن العاص رضي الله عنه يرسل اليها الرسل وهي في عدتها يتعرض للخطبة، ولا حرج في ذلك والله تعالى يقول: ولا جناح عليكم فيما عرّضتم به من خطبة النساء أو أكننتم في أنفسكم. (البقرة 235)
وما أن انتهت عدّتها رضي الله عنها حتى كان قد عقد عليها حتى اذا نزل المسلمون مرج الصفر بحوران جنوب دمشق، وأراد أن يعرّس بها فقالت له: لو أخّرت الدخول بي حتى يفضّ الله جموع الروم، فقال لها رضي الله عنه: انّ نفسي تحدثني أنني سأصاب في جموعهم هذه، عندها لبّت ام حكيم رغبته وأعرس بها عند القنطرة بمرج الصفر، ولذلك سميّت بقنطرة أم حكيم.
والجدير بالذكر أنّ خالد بن سعيد بن العاص بن أمية رضي الله عنه هو أول من كتب بسم الله الرحمن الرحيم.
وأولم خالد بوليمة في صبح مدخله دعا اليها أصحابه رضي الله عنهم على الطعام، فما ان فرغوا منه حتى صفّت الروم صفوفها، ونسقت جموعها، ونظمّت كتائبها، ثم يبرز رجل منهم يدعو الى المبارزة، فيبرز اليه أبو جندل سهيل بن عمرو رضي الله عنه فنهاه أبو عبيدة رضي الله عنه، فبرز حبيب بن سلمة رضي الله عنه فقتل الرجل ورجع الى موضعه، ثم برز خالد بن سعيد رضي الله عنه ليبارز آخر فقاتل وقتل، وهنا نرى لأم حكيم رضي الله عنها موقفا عظيما يدل على البسالة والشجاعة وقوة الايمان ورباطة الجأش، لتثأر لزوجها، فتشد ثيابها وتجمعها في وسطها لتقوي نفسها بها، ولتساعدها على قتال الأعداء، وتعدو عدوا، ويلتحم الفريقان حتى لم يعد يسمع في هذه المعركة الا صلصلة السيوف، وأبلت أم حكيم رضي الله عنها بلاء حسنا في هذه الوقعة، وقتلت يومئذ سبعة من الروم بعمود الفسطاط الذي بات فيه زوجها رضي الله عنه معرّسا بها، وكانت موقعة مرج الصفر سنة 14 للهجرة، في خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وعندما علم عمر رضي الله عنها بشجاعتها ووفاءها أعجب وتزوجها رضي الله عنه
وانجبت له فاطمة بنت عمر وتوفيت في نفاسها فهي الشهيدة زوجة الشهداء.

رمز الوفاء وزوجة الشهداء
رضي الله عنها وأرضاها