عائشة رضي الله عنها وإنكار المنكر...!

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين
والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين

دخلت على عائشة نسوة من اهل الشام قالت :
"لعلَّكنَّ مِن الكُورَةِ - أي البلد -  "التي يَدخُلُ نِساؤُها الحَمَّاماتِ"؟
(أى : أماكنُ الاستِحمامِ العامَّة)
قُلْنَ: نَعَمْ.
قالتْ: أمَا إنِّي سَمِعتُ رسولَ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم يَقولُ:
« ما مِنِ امرَأةٍ تَخْلَعُ ثِيابَها في غيرِ بيتِها ،إلَّا هَتَكَتْ ما بينَها وبينَ اللهِ تعالى»
(صحيح أبى داود)

تأملى إنكار عائشة على النسوة، وبيان حكم الله بغير مواربة ولا مداهنة ..
لم يقلن أن عائشة منفرة، او متعجرفة، حاشاها من ذلك حبيبة قلبي وأمي الطاهرة وأم المؤمنين!!!

هذه عائشة التى تأمر وتنهى غيرها ؛ تشفق على نفسها من عذاب النار، وتتضرع فى صلاتها أن ينجيها الله من نار جهنم .
جاء فى تفسير ابن كثير :
عن مسروق عن عائشة أنها قرأت هذه الآية :
{ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ .
إِنَّا كُنَّا مِن قَبْلُ نَدْعُوهُ ۖ إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ}  فتقول:
" اللهم منّ علينا، وقنا عذاب السموم، إنك أنت البر الرحيم "
قيل للأعمش: في الصلاة؟ قال: نعم .

فالامر بالمعروف، والنهى عن المنكر، وتسمية الأشياء بمسمياتها :
فسق .. فجور .. تقوى .. صلاح .. ردة .. شرك .. إيمان .. الخ
هذا من حفظ معالم الشريعة، وحتى لايندرس الدين، وينسى الناس الحلال والحرام .

هذا الأمر والنهى ليس فيه أى تزكية للنفس بحال، ولا قطع لمن تأمر وتنهى بأنها فى الجنة،  وأن من تدعوهم للهداية فى النار.

فمابال أقوام يدعون اليوم لترك الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر من باب التواضع والاشفاق على الناس، ولأن فيه - بزعمهم - تزكية للنفس، وتمييز لها على غيرها ؟

والقران كله - لمن تدبره -  تمييز بين الأشخاص : مؤمن وكافر، وبر وفاجر، وتمييز بين الأعمال : صالح وفاسد،  وتمييز بين العواقب : فريق فى الجنة وفريق فى السعير .

فاذا أردت أن تضرب الدين فى مقتل ؛ فعليك بإلغاء التمييز والفروق، واجتهد فى أن تجعل قلوب الناس تقبل المساواة بين الشريف والحقير، وبين البر والفاجر، وبين مكارم الأخلاق ودنيئها، وبين محاسن الأقوال وبذيئها.

فلنعلم أن تواضع الإنسان ليس معناه أن يتدنى فى الأعمال والأخلاق؛ ليكون مساويا لمن هو دونه فى الدين والعلم .

وقد كان النبى صلى الله عليه وسلم  أعظم التاس تواضعا، ومع ذلك يقول :
« انى لأخشاكم لله وأتقاكم له ».

فحين يتعلق الامر بالدين؛ فلا يصح أن أتواضع للفساق وأقول أنا فاسقة مثلكم ماتزعلوش !!!

وهذا هو السر فى نشأة نظام كالعلمانية؛ بغرض محو التميز الدينى .

إسلامنا يدعونا إلى التميز بديننا، والتميز بأعمال الدين أكثر مايكرهه المشركون .
{ وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَوَاءً  }

ولن تزال الأمة بخير مادامت تقول للفاسق : اتق الله، وتقول للطائع: أكرمك الله .

ولا تزول خيريتها إلا حين تقدم الفجار على الأبرار، وتعلى شأن المتبرجات على العفيفات، وتسوى بين المصلحين والمفسدين .

مروا بالمعروف وانهوا عن المنكر؛ لتنجوا وينجوا الناس بكم فى الدنيا، ولتحشروا فى زمرة المؤمنين فى الآخرة .
{ الْآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنكَرِ وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ ۗ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ }
(التوبة :112)

منقوووووووول