الشَّامِلُ لِرُؤَى المَهْدِيِّ
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

الشَّامِلُ لِرُؤَى المَهْدِيِّ

مُنتَدَى إِسْلَامِيٌّ سُنِّيٌّ يُعْنَى بِجَمْعِ رُؤَى المَهْدِيِّ وَ تَعْبِيرِهَا و تَرْتِيبِهَا مَعَ بَيَانِ الرُّؤَى المَكْذُوبَةِ وَ الوَاهِيَةِ
 
الرئيسيةس .و .جبحـثأحدث الصورالتسجيلدخول
بحـث
 
 

نتائج البحث
 
Rechercher بحث متقدم
المواضيع الأخيرة
» وداعًا أيها البطلُ..
رجال و أعلام في تاريخ العرب و الإسلام Emptyاليوم في 2:12 am من طرف اسماعيل

» المهدي راكب سيارة حمراء كتابة لوحتها 1999
رجال و أعلام في تاريخ العرب و الإسلام Emptyأمس في 8:30 pm من طرف صقر بني يس

» الرضيع
رجال و أعلام في تاريخ العرب و الإسلام Emptyأمس في 2:49 pm من طرف اسماعيل

» نوررسول الله صل الله عليه وسلم يظهر في سماء اليمن
رجال و أعلام في تاريخ العرب و الإسلام Emptyأمس في 1:46 pm من طرف يوسف

» بعث محمد بعث في ارض اليمن
رجال و أعلام في تاريخ العرب و الإسلام Emptyأمس في 1:29 pm من طرف يوسف

» ر حرب في دولة غرب ساحل البحر المتوسط
رجال و أعلام في تاريخ العرب و الإسلام Emptyأمس في 1:12 pm من طرف يوسف

» طوفان يعم الأرض
رجال و أعلام في تاريخ العرب و الإسلام Emptyالأربعاء أكتوبر 16, 2024 11:46 pm من طرف اسماعيل

» القائد الذي لم يُهزم أبدا في حياته سحق الشيعة والفاطميين وغزا الهند 17 مرة ! محمود بن سبكتكين
رجال و أعلام في تاريخ العرب و الإسلام Emptyالأربعاء أكتوبر 16, 2024 2:22 pm من طرف يوسف

» رؤى حديثة نعوذ بالله من شرها
رجال و أعلام في تاريخ العرب و الإسلام Emptyالأربعاء أكتوبر 16, 2024 11:47 am من طرف اسماعيل

» “ بين سياسة التشيع، و "التشيع السياسي" (مقال للقراءة)
رجال و أعلام في تاريخ العرب و الإسلام Emptyالثلاثاء أكتوبر 15, 2024 9:17 pm من طرف صقر بني يس

» جمال حمد
رجال و أعلام في تاريخ العرب و الإسلام Emptyالثلاثاء أكتوبر 15, 2024 2:59 pm من طرف Red

» تلاوة خارجه عن المألوف
رجال و أعلام في تاريخ العرب و الإسلام Emptyالإثنين أكتوبر 14, 2024 9:01 pm من طرف Artigence

» النبي ﷺ يدخل مكة
رجال و أعلام في تاريخ العرب و الإسلام Emptyالإثنين أكتوبر 14, 2024 6:51 pm من طرف يوسف

» “ رؤيا عن بلاد الشام / الى عسقلان الى عسقلان”
رجال و أعلام في تاريخ العرب و الإسلام Emptyالإثنين أكتوبر 14, 2024 12:41 pm من طرف يوسف

» حديث (وإن أفضل رباطكم عسقلان)
رجال و أعلام في تاريخ العرب و الإسلام Emptyالإثنين أكتوبر 14, 2024 2:13 am من طرف أمة الله.

» نار ومدافع ثم سمعت صوت يقول لي عسقلان عسقلان
رجال و أعلام في تاريخ العرب و الإسلام Emptyالإثنين أكتوبر 14, 2024 1:49 am من طرف أمة الله.

» “ قل لنا: ما الذي يشغلك نقول لك من أنت “
رجال و أعلام في تاريخ العرب و الإسلام Emptyالأحد أكتوبر 13, 2024 11:55 pm من طرف أمة الله.

» المهدي
رجال و أعلام في تاريخ العرب و الإسلام Emptyالأحد أكتوبر 13, 2024 6:37 pm من طرف ارجو رحمة ربي

» الشمس تتوقف ٢٤ ساعة.
رجال و أعلام في تاريخ العرب و الإسلام Emptyالأحد أكتوبر 13, 2024 6:30 pm من طرف ارجو رحمة ربي

»  فلسطين .
رجال و أعلام في تاريخ العرب و الإسلام Emptyالأحد أكتوبر 13, 2024 3:40 pm من طرف Averroes

» هل هذا المجسّم للحمامه يعتبر محرّم ؟!
رجال و أعلام في تاريخ العرب و الإسلام Emptyالسبت أكتوبر 12, 2024 10:14 pm من طرف Amer

»  نزول راية سوداء من السماء مكتوب عليها بالابيض لااله الا الله محمد رسول الله
رجال و أعلام في تاريخ العرب و الإسلام Emptyالسبت أكتوبر 12, 2024 1:38 pm من طرف يوسف

» « تغريدات ع الجرح »
رجال و أعلام في تاريخ العرب و الإسلام Emptyالسبت أكتوبر 12, 2024 11:07 am من طرف أمة الله.

» “ هل صواريخ إيران كانت مسرحية أم أنها بداية حرب إقليمية ومقدمة لحرب شبه عالمية”
رجال و أعلام في تاريخ العرب و الإسلام Emptyالجمعة أكتوبر 11, 2024 9:34 pm من طرف اسماعيل

» « معركة آخر الزمان »
رجال و أعلام في تاريخ العرب و الإسلام Emptyالجمعة أكتوبر 11, 2024 12:52 pm من طرف أمة الله.

» “ إعصار ميلتون” (وما يعلم جنود ربك إلا هو)
رجال و أعلام في تاريخ العرب و الإسلام Emptyالجمعة أكتوبر 11, 2024 12:43 pm من طرف أمة الله.

» القطار لم ينطلق بعد والباب مغلقة
رجال و أعلام في تاريخ العرب و الإسلام Emptyالخميس أكتوبر 10, 2024 7:05 pm من طرف يوسف

» تشرق بعد ثلاثة ايام .
رجال و أعلام في تاريخ العرب و الإسلام Emptyالخميس أكتوبر 10, 2024 6:59 pm من طرف يوسف

» حوت كبير في بحر هائج
رجال و أعلام في تاريخ العرب و الإسلام Emptyالخميس أكتوبر 10, 2024 6:02 pm من طرف اسماعيل

» “ تطورات الأحداث الأخيرة “
رجال و أعلام في تاريخ العرب و الإسلام Emptyالخميس أكتوبر 10, 2024 3:53 pm من طرف أمة الله.

»  “رأت أنها تشكي وتبكي للرسول لله وتقول ليش رحت وخليتنا ياريتك معانا”
رجال و أعلام في تاريخ العرب و الإسلام Emptyالأربعاء أكتوبر 09, 2024 11:05 am من طرف أمة الله.

» “ يا وجع قلوبنا عليكِ يا غزة “
رجال و أعلام في تاريخ العرب و الإسلام Emptyالإثنين أكتوبر 07, 2024 11:20 pm من طرف أمة الله.

» رؤيا خاصة قديمة - لبنان
رجال و أعلام في تاريخ العرب و الإسلام Emptyالأحد أكتوبر 06, 2024 5:28 pm من طرف أمة الله.

» كثرة الاعراض و قلة الاعمال
رجال و أعلام في تاريخ العرب و الإسلام Emptyالأحد أكتوبر 06, 2024 3:49 pm من طرف اسماعيل

» السنوار يخرج !!
رجال و أعلام في تاريخ العرب و الإسلام Emptyالأحد أكتوبر 06, 2024 10:22 am من طرف اسماعيل

المتواجدون الآن ؟
ككل هناك 15 عُضو متصل حالياً :: 0 عضو مُسجل, 0 عُضو مُختفي و 15 زائر

لا أحد

أكبر عدد للأعضاء المتواجدين في هذا المنتدى في نفس الوقت كان 283 بتاريخ الأحد يوليو 04, 2021 7:25 am

 

 رجال و أعلام في تاريخ العرب و الإسلام

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
صقر بني يس
إدارة المنتدى
إدارة المنتدى
صقر بني يس


المساهمات : 1008
نقاط : 158
تاريخ التسجيل : 02/09/2019

رجال و أعلام في تاريخ العرب و الإسلام Empty
مُساهمةموضوع: رجال و أعلام في تاريخ العرب و الإسلام   رجال و أعلام في تاريخ العرب و الإسلام Emptyالإثنين سبتمبر 20, 2021 11:12 am

السّلام عليكم و رحمة الله و بركاته
إخوتي الكرام، فتحت هذا الموضوع أرمي من ورائه التعريف أو التذكير بما تيسُر لي ذكرهم من الرجال الذين كانت لهم بصمة في التاريخ سواء في فجر الإسلام أو بعده، فمن أراد منكم إخوتي أن يشاركني في الموضوع فمرحبا بمشاركته.
نبدأ على بركة الله.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
صقر بني يس
إدارة المنتدى
إدارة المنتدى
صقر بني يس


المساهمات : 1008
نقاط : 158
تاريخ التسجيل : 02/09/2019

رجال و أعلام في تاريخ العرب و الإسلام Empty
مُساهمةموضوع: رد: رجال و أعلام في تاريخ العرب و الإسلام   رجال و أعلام في تاريخ العرب و الإسلام Emptyالإثنين سبتمبر 20, 2021 11:14 am

حذيفة بن اليمان

اليوم بإذن الله نكمل معكم قصص الأبطال ومسلسل الأساطير وسير الأعلام النبلاء ، مع رجل خير بين أن يكون من الأنصار أو من المهاجرين ، مع صاحب سر رسول الله صلى الله عليه وسلم الذى قال عنه ( ما حدثكم حذيفة فصدقوه ) مع الصحابى الجليل حذيفة بن اليمان رضى الله عنه .

قصة حذيفة بن اليمان
قصة حذيفة بن اليمان
(إن شئت كنت من المهاجرين وإن شئت كنت من الأنصار ، فاختر أحب الأمرين إلى نفسك) بهذه الكلمات خاطب الرسول عليه الصلاة والسلام حذيفة بن اليمان حين لقيه أول مرة في مكة ولتخيير حُذيفة بن اليمان في الانتماء إلى أكرم فئتين وأحبهما إلى المسلمين قصة .



فاليمان أبو حُذيفة مكي من بني عبس لكنه أصاب دما في قومه فاضطر إلى النزوح عن مكة إلى يثرب وهناك حالف بني عبد الأشهل وصاهرهم وولد له ابنه حُذيفة ، ثم زالت الموانع التي تحول دون اليمان ودون دخول مكة فجعل يتردد بينها وبين يثرب ولكن إقامته كانت في المدينة أكثر وألصق .

ولما أهلَّ الإسلام بنوره على جزيرة العرب كان اليمان أبو حُذيفة أحد عشرة من بني عبس وفدوا على رسول الله صلوات الله عليه وأعلنوا إسلامهم بين يديه وذلك قبل أن يهاجر إلى المدينة ومن هنا كان حُذيفة مكي الأصل مدني النشأة .

نشأ حُذيفة في بيت مسلم ورُبِّيَ في كنف أبوين من السابقين إلى الدخول في دين الله , فأسلم قبل أن تكتحل عيناه بمرأى رسول الله صلوات الله عليه وسلامه ، كان شوق حُذيفة إلى لقاء الرسول صلى الله عليه وسلم يملأ جوانحه فما زال منذ أسلم وهو يتسقط (يتتبع) أخباره ويلح في السؤال عن أوصافه فرحل إلى مكة ليلقاه فما إن رأى النبي صلى الله عليه وسلم حتى سأله : أمهاجر أنا أم أنصاري يا رسول الله ؟ فقال عليه السلام : ( إن شئت كنت من المهاجرين وإن شئت كنت من الأنصار ، فاختر لنفسك ما تحب ) فقال : بل أنصاري يا رسول الله .

ولما هاجر الرسول عليه الصلاة والسلام إلى المدينة لازمه حُذيفة ملازمة العين لأختها وشهد معه المواقع كلها إلا بدرا ولِتخلف حذيفة عن بدرٍ قصة رواها بنفسه فقال : ما منعني أن أشهد بدراً إلا أني كنت خارج المدينة أنا وأبي فأخذنا كفار قريش فقالوا : أين تقصدون ؟ فقلنا : المدينة فقالوا : إنكم تريدون محمداً فقلنا : ما نريد إلا المدينة فأبوا أن يطلقونا إلا بعد أن أخذوا العهد علينا ألا ننصر محمداً عليهم وألا نقاتل معه ، ثم أطلقوا سراحنا .

ولما قدِمنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبرناه بما قطعناه من عهدٍ لقريش وسألناه ماذا نصنع ؟ فقال عليه الصلاة والسلام : (نَفي بعهدهم ونستعينُ عليهم بالله) ولما كانت أُحد خاضها حُذيفة مع أبيه اليمان أما حُذيفة فأبلى فيها أعظم البلاء وأكرمه وخرج منها سالماً وأما أبوه فقد أُستشهد فيها ولكن استشهاده كان بسيوف المسلمين ولذلك قصة نوردها فيما يلي .

لما كان يوم أُحد وضع رسول الله صلى الله عليه وسلم اليمان وثابت بن وقش في الحصون مع النساء والصبيان لأنهما كانا شيخين كبيرين طاعنين في السن ، فلما حميَ وطيس المعركة ، قال اليمان لصاحبه : لا أبا لك ماذا ننتظر ؟ فوالله ما بَقيَ لواحد منا من عمره إلا بمقدار ما يظمأُ الحمار إنما نحن هامة (كناية عن أنهم يموتون قريباً) اليوم أو غد أفلا نأخذ سيفنا ونلحق برسول الله صلى الله عليه وسلم لعل الله يرزقنا الشهادة مع نبيهِ .

ثم أخذا سيفهما ودخلا في الناس واقتحما المعركة ، أما ثابت بن وقش فأكرمه الله بالشهادة على أيدي المشركين وأما اليمان والد حذيفة فتعاورته (تداولته وتتابعت عليه) سيوف المسلمين وهم لا يعرفونه وجعل حُذيفةَ يُنادي : أبي ، أبي فلا يسمعه أحد ، وخرَّ الشيخ صريعاً بأسياف أصحابه ، فما زاد حُذيفة على أن قال لهم : يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين .

ثم أراد الرسول عليه الصلاة والسلام أن يعطي الإبن دِيَةَ أبيه فقال حذيفة : إنما هو طالبُ شهادةٍ وقد نالها اللهم أشهد أني تصدقت بِديَتهِ على المسلمين فازداد بذلك منزلة عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ، سبر (نفذ إلى أعماقه واختبره) الرسول صلوات الله وسلامه عليه غَورَ حذيفة بن اليمان فتجلت له فيه خِلالٌ ثلاث : ذكاء فذ يُسعفهُ في حل المعضلات وبديهة مطاوعة تُلبيه كلما دعاها وكتمان للسر فلا ينفذُ إلى غورِهِ أحد .

وكانت سياسة الرسول عليه الصلاة والسلام تقوم على اكتشاف مزايا أصحابه والإفادة من طاقتهم الكامنةِ في ذواتهم , وذلك بوضع الرجل المناسب في المكان المناسب ، وكانت أكبر مشكلة تواجه المسلمين في المدينة هي وجود المنافقين من اليهود وأشياعِهِم وما يَحيكونه للنبي عليه الصلاة والسلام وأصحابه من مكائد ودسائس .

فأفضى (أسر إليه وخبّره) النبي صلوات الله عليه لحذيفة بن اليمان بأسماء المنافقين وهو سِر لم يُطلع عليه أحداً من أصحابه وعَهِدَ إليه برصد حركاتهم وتتبع نشاطهم ودرء خطرهم عن الإسلام والمسلمين ، ومنذ ذلك اليوم دُعيَ حذيفة ابن اليمان (بصاحب سِرِّ رسول الله صلى الله عليه وسلم) .

وقد استعان الرسول عليه الصلاة والسلام بمواهب حذيفة في موقف من أشد المواقف خطراً وأحوجها إلى الذكاء الفذ والبديهة المطاوعة ، وذلك في ذُروةِ غزوة الخندق حيث كان المسلمون قد أحاط بهم العدو من فوقهم ومن تحتهم وطال عليهم الحِصار واشتد عليهم البلاءُ وبلغ منهم الجهد والضنك كُلَّ مبلغ حتى زاغت الأبصار وبلغت القلوب الحناجر وأخذ بعض المسلمين يظنون بالله الظنون .

ولم تكن قريش وأحلافها من المشركين في هذه الساعات الحاسمات بأحسَنَ حالاً من المُسلمين فقد صبَّ عليها الله عز وجل من غضبه ما أوهَنَ قواها وزلزل عزائمها فأرسل عليها ريحاً صرصراً تَقلِب خيامها وتكفأ (تقلب) قُدورها وتُطفىء نيرانها وتَقذف وجوهها بالحصباء وتَسُدُّ عيونها وخياشيمَها بالتراب .

في هذه المواقف الحاسمة من تاريخ الحروب يكونُ الفريق الخاسر هو الذي يئِنُّ أولاً ويكونُ الفريق الرابح هو الذي يضبطُ نفسه طَرفَةَ عينٍ بعد صاحبه وفي هذه اللحظات التي تُكتب فيها مصائر المعارك يكون لاستخبارات الجيوش الفضلُ الأول في تقدير الموقف وإسداء المشورة ، ومن هنا احتاج الرسول عليه الصلاة والسلام لطاقات حذيفة ابن اليمان وخبراته وَعَزَمَ على أن يبعث به إلى قلب جيش العدو تحت جُنحِ الظلام ليأتيه بأخبارِه قبل أن يُبرم (يتخذ) أمراً فلنترك لحُذيفة الكلام لِيُحدثنا عن رحلة الموت هذه .

قال حُذيفة : كنا في تلك الليلة صافِّين قُعوداً وأبو سفيان ومن معه من مشركي مكة فوقنا وبنو قريظة من اليهود أسفل مِنّا نخافُهُم على نسائنا وَذرارينا ، وما أتت علينا قط أشدُّ ظلمةً ولا أقوى ريحاً منها فأصوات ريحها مثل الصواعق وشدة ظلامها تجعل أحدنا لا يرى إصبَعَهُ .

فأخذ المنافقون يستأذنون الرسول عليه الصلاة والسلام ويقولون : إن بُيوتنا مكشوفةٌ للعدوِّ وما هي بمكشوفة فما يستأذنهُ أحد منهم إلا أذِن له وهم يتسللون حتى بقينا في ثلاثمائةٍ أو نحو ذلك عند ذلك قام النبي عليه الصلاة والسلام وجَعَلَ يمرُّ بنا واحداً واحداً حتى أتى إليَّ وما عليَّ شيءٌ يقيني من البرد إلا مِرطٌ (كل ثوب غير مخيط من مئزر ونحوه) لامرأتي ما يُجاوز رُكبتي .

فاقترب مني وأنا جاثٍ على الأرض ، وقال : من هذا ؟ فقلت : حٌذيفة ، قال : حُذيفة فتقاصرت إلى الأرض كراهية أن أقوم من شدة الجوع والبرد وقلت : نعم يا رسول الله ، فقال : إنه كائنٌ في القوم خبرٌ فَتَسَلَّل إلى عسكرهم وأتني بخبرهم ، فخرجت وأنا من أشد الناس فزعاً وأكثرِهِم برداً ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (اللهم احفظه من بين يديه ومن خلفه وعن يمينه وعن شماله ومن فوقه ومن تحته) فوالله ما تمت دعوة النبي عليه السلام حتى انتزع الله من جوفي كل ما أودعه فيه من خوف وأزال عن جسدي كُلَّ ما أصابه من برد .

فلمَّا وَلّيت ناداني عليه الصلاة والسلام وقال : يا حذيفة لا تُحدثن (تفعلن) في القوم شيئاً حتى تأتِيَني فقلت : نعم ومضيت أتسلل في جنح الظلام حتى دخلت في جند المشركين وصِرت كأني واحدٌ منهم ، وما هو إلا قليل حتى قام أبو سفيان فيهم خطيباً وقال : يا معشر قريش إني قائل لكم قولا أخشى أن يبلغ محمداً فلينظر كل رجل منكم من جليسُهُ فما كان مني إلا أن أخذت بيد الرجل الذي كان إلى جنبي وقلت : من أنت ؟ فقال : فلان ابن فلان.

وهنا قال أبو سفيان : يا معشر قريش إنكم والله ما أصبحتم بدارِ قرارٍ ، لقد هلكت رواحلنا وتخلت عنا بنو قريظة ولقينا من شدة الريح ما ترون فارتحلوا إني مرتحل ، ثم قام إلى جملِهِ فَفَكَّ عقاله وجلس عليه ثم ضربه فوثب قائماً ولولا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرني ألا أُحدث شيئاً حتى آتيه لقتلتُه بسهم .

عند ذلك رجعت إلى النبي عليه الصلاة والسلام فوجدته قائماً يُصلي في مربط لبعض نسائه ، فلما رآني أدناني إلى رِجليه وَطَرحَ عليَّ طرف المربط فأخبرته الخبر فسُرَّ به سروراً شديداً وحمِد الله وأثنى عليه .

ظل حذيفة بن اليمان مؤتمِناً على أسرار المنافقين ما امتدت به الحياة وظل الخلفاء يرجعون إليه في أمرهم ، حتى إن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان إذا مات أحد المسلمين يسأل : أَحَضَرَ حذيفة للصلاة عليه ، فإن قالوا : نعم ، صلى عليه وإن قالوا : لا ، شك فيه وأمسك عن الصلاة عليه .

وقد سأله ذات مره : أفي عمالي أحدٌ من المنافقين ، فقال حذيفة : واحد ، فقال : دُلني عليه ، فقال لا أفعل ، فقال حذيفة لكن عُمر ما لبث أن عزله كأنما هُدي إليه ، ولعل قليلا من الناس من يعلم أن حذيفة بن اليمان فتح للمسلمين (نهاوند) و( الدّينور) و (همذان) و (الرّي) وكان سبباً في جمع المسلمين على مصحف واحد بعد أن كادوا يفترقون في كتاب الله .

وعلى الرغم من ذلك كله كان حذيفة بن اليمان شديد الخوف على نفسه من الله عظيم الخشية من عقابة فهو حين ثَقُلَ عليه مرض الموت جاءه بعض الصحابة في جوف الليل ، فقال : أيُّ ساعة ٍ هذه ، فقالوا : نحن قريب من الصبح ، فقال : أعوذ بالله من صباح يُفضي (يوصلني) بي إلى النار ، أعوذ بالله من صباح يُفضي بي إلى النار .

ثم قال : أجئتم بكفن قالوا : نعم ، قال : لا تٌغالوا بالأكفان فإن يكن لي عند الله خيرٌ بُدِّلت به خيراً وإن كانت الأخرى سُلب مني ، ثم جعل يقول : اللهم إنك تعلم أني كنتُ أحِبٌّ الفقر على الغنى وأحِبُّ الذلة على العزة وأحِبُّ الموت على الحياة .

ثم قال وروحه تفيض : حبيب جاء إلى شوق لا أفلح من نَدِم ، رحم الله حذيفة بن اليمان فقد كان طرازاً فريداً من الناس .

-منقول-
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
زائر
زائر
Anonymous



رجال و أعلام في تاريخ العرب و الإسلام Empty
مُساهمةموضوع: رد: رجال و أعلام في تاريخ العرب و الإسلام   رجال و أعلام في تاريخ العرب و الإسلام Emptyالثلاثاء سبتمبر 21, 2021 5:43 am

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
جزاك الله خيرا أخي على هذا الموضوع وتقبلوا مساهمتي
الصحابي جليبيب


جليبيب) أحد المساكين من الصحابة الكرام، ليست له أسرة معروفة، ليس عنده مال، ولا منصب، ولا شيء.
يذهب إلى الرسول - صلى الله عليه وسلم - في ثيابه الممزقة، بطنه جائع، ووجهه شاحب، وأعضاؤه هزيلة، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((يا جليبيب، ألا تتزوج؟)) 
قال: يا رسول الله، غفر الله لك، ومن يزوجني؟ ثم يلقاه النبي - صلى الله عليه وسلم - ثانية، فيقول له: ((يا جليبيب، ألا تتزوج؟)) 

فيقول: يا رسول الله، ومن يزوجني، لا مال ولا جمال. لأن كثيراً من الناس، لا يزوج إلا على الدراهم والدنانير، 


ويلقى النبي - صلى الله عليه وسلم - جليبيباً مرة ثالثة، فيقول: ((يا جليبيب، ألا تتزوج؟)) 

فيقول: يا رسول الله ومن يزوجني، لا مال ولا جمال، فيقول - صلى الله عليه وسلم 

- له: ((اذهب إلى ذلك البيت من الأنصار، وقل لهم: رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يبلغكم السلام، ويقول: زوجوني ابنتكم)). هذا مرسومٌ من كلام محمد عليه الصلاة والسلام،

فذهب جليبيب، فطرق الباب، قال أهل البيت: مَنْ؟ قال: جليبيب، قالوا: ما لنا ولك يا جليبيب، فخرج صاحب البيت قال: ماذا تريد؟ قال: الرسول - صلى الله عليه وسلم - يبلغكم السلام، فارتج البيت فرحاً، ثم قال: ويأمركم أن تزوجوني ابنتكم.

فقال الرجل: أشاور أمها، فشاورها فقالت: لا لعمر الله، لا نزوجه، فسمعت البنت العابدة الناصحة الصالحة، فقالت: أتردَّان على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمره، ادفعوني إليه؛ فإنه لن يضيعني، فانطلق أبوها إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -

فأخبره فقال: ((شأنك بها))، فزوجها جليبيباً

فأنشأ النبي - صلى الله عليه وسلم - بيتاً، أساسه على الإيمان

وفي إحدى الغزوات، وقد أفاء الله على نبيه فيها، فقال لأصحابه: ((هل تفقدون من أحد؟)) قالوا: نعم؛ فلاناً، وفلاناً، وفلاناً. ثم قال: ((هل تفقدون من أحد؟)). قالوا: نعم؛ فلاناً، وفلاناً، وفلاناً. ثم قال: ((هل تفقدون من أحد؟)) قالوا: لا، قالوا: ((لكني أفقد جليبيباً، فاطلبوه))؛ فطُلب في القتلى، فوجوده إلى جنب سبعة قد قتلهم، ثم قتلوه، فأتى النبي 

- صلى الله عليه وسلم - فوقف عليه، فقال: ((قتل سبعة ثم قتلوه، هذا مني وأنا منه، هذا مني وأنا منه)). فوضعه على ساعديه، ليس له إلا ساعدا النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: فحُفر له، ووضع في قبره


وفي المسند أن النبي - صلى الله عليه وسلم - دعا لزوجته، فقال: ((اللهم صبَّ عليها الخير صبّاً، ولا تجعل عيشها كدّاً كدّاً)).

قال ثابت: فما كان في الأنصار أيم أنفق منها !!
هذا هو جليبيب الصحابي الفقير، يقول له النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((أنت مني وأنا منك!!)).

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
زائر
زائر
Anonymous



رجال و أعلام في تاريخ العرب و الإسلام Empty
مُساهمةموضوع: رد: رجال و أعلام في تاريخ العرب و الإسلام   رجال و أعلام في تاريخ العرب و الإسلام Emptyالخميس سبتمبر 23, 2021 10:47 pm

                  السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
     

أنقل اليوم لكم سيرة الصحابي الجليل عبدالله بن مسعود:


 عبد الله بن مسعود بن غافل بن حبيب بن شمخ بن فار بن مخزوم بن صاهلة بن كاهل بن الحارث بن تميم بن سعد بن هذيل بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان، أبو عبد الرحمن الهذلي.[1]

وكناه النبي -صلى الله عليه وسلم- أبا عبدالرحمـن مات أبوه في الجاهلية، وأسلمت أمه وصحبت النبي -صلى الله عليه وسلم- لذلك كان ينسب الى أمه أحيانا فيقال: (ابن أم عبد)... وأم عبد كنية أمه -رضي الله عنهما-.

أول لقاء مع الرسول


يقول -رضي الله عنه- عن أول لقاء له مع الرسول -صلى الله عليه وسلم-: (كنت غلاما يافعا أرعى غنما لعقبة بن أبي مُعَيْط، فجاء النبي -صلى الله عليه وسلم- وأبو بكـر فقالا: (يا غلام، هل عندك من لبن تسقينـا؟)... فقلت: (إني مؤتمـن ولست ساقيكما)... فقال النبـي -صلى الله عليه وسلم-: (هل عندك من شاة حائل، لم يَنْزُ عليها الفحل؟)... قلت: (نعم)... فأتيتهما بها، فاعتقلها النبي ومسح الضرع ودعا ربه فحفل الضرع، ثم أتاه أبو بكر بصخرة متقعّرة، فاحتلب فيها فشرب أبوبكر، ثم شربت ثم قال للضرع: (اقْلِص)... فقلص، فأتيت النبي بعد ذلك فقلت: (علمني من هذا القول)... فقال: (إنك غلام مُعَلّم).

إسلامه

لقد كان عبدالله بن مسعود من السابقين في الاسلام، فهو سادس ستة دخلوا في الاسلام، وقد هاجر هجرة الحبشة وهجرة المدينة، وشهد بدرا والمشاهد مع الرسول -صلى الله عليه وسلم، وهو الذي أجهز على أبي جهل، ونَفَلَه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- سيفَ أبي جهل حين أتاه برأسه.

وكان نحيل الجسم دقيق الساق ولكنه الايمان القوي بالله الذي يدفع صاحبه الى مكارم الأخلاق، وقد شهد له النبـي -صلى اللـه عليه وسلم- بأن ساقه الدقيقة أثقل في ميزان الله من جبل أحد، وقد بشره الرسـول -صلى اللـه عليه وسلم- بالجنة.

فقد أمر النبي -صلى الله عليه وسلم- ابن مسعود فصعد شجرةً وأمَرَه أن يأتيه منها بشيء، فنظر أصحابُ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى ساقه حين صعد فضحكوا من حُموشَةِ ساقه، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (مَمّ تضحكون؟ لَرِجْلُ عبد الله أثقلُ في الميزان يوم القيامة من أحُدٍ).

جهره بالقرآن

وعبد الله بن مسعود -رضي اللـه عنه- أول من جهر بالقرآن الكريم عند الكعبة بعد رسول اللـه -صلى الله عليه وسلم-، اجتمع يوماً أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقالوا: (والله ما سمعت قريشُ هذا القرآن يُجهرُ لها به قط، فمَنْ رجلٌ يُسمعهم؟)... فقال عبد الله بن مسعود: (أنا)... فقالوا: (إنّا نخشاهم عليك، إنّما نريدُ رجلاً له عشيرة تمنعه من القوم إن أرادوه)... فقال: (دعوني فإنّ الله سيمنعني)... فغدا عبد الله حتى أتى المقام في الضحى وقريش في أنديتها، حتى قام عبد الله عند المقام فقال رافعاً صوته ،بسورة الرحمن.

حفظ القرآن

أمر النبي -صلى الله عليه وسلم- عبد الله بن مسعود أن يقرأ عليه فقال: (اقرأ علي)... قال: (يا رسول الله أقرأ عليك وعليك أنزل؟)... فقال -صلى اللـه عليه وسلم-: (إني أحب أن أسمعه من غيري)... قال ابن مسعود فقرأت عليه من سورة النسـاء حتى وصلت الى.

قوله تعالى: {فكَيْفَ فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِن كُلِّ أمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَـؤُلاء شَهِيدًا}... (النساء -41).

فقال له النبي -صلىالله عليه وسلـم-: (حسبـك)... قال ابن مسعود: (فالتفت اليه فاذا عيناه تذرفان).

وقال النبي صلى الله عليه وسلم- (استقرئـوا القرآن من أربعة من عبـدالله بن مسعود وسـالم مولى أبى حذيفة و أبي بن كعب و معاذ بن جبل)... كمـا كان يقول: (من أحب أن يسمع القرآن غضاً كما أُنزل فليسمعه من ابن أم عبد)...


قربه من الرسول

وابن مسعود صاحب نعلى النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يدخلهما في يديه عندما يخلعهما النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو كذلك صاحب وسادة النبي -صلى الله عليه وسلم- ومطهرته... أجاره الله من الشيطان فليس له سبيل عليه... وابن مسعود صاحب سر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الذي لا يعلمه غيره، لذا كان اسمه (صاحب السَّواد)... حتى قال الرسول -صلى الله عليه وسلم-: (لو كنت مؤمرا أحدا دون شورى المسلمين لأمَّرت ابن أُم عبد).

كما أعطي مالم يعط لغيره حين قال له الرسول: (إذْنُكَ علي أن ترفع الحجاب)... فكان له الحق بأن يطرق باب الرسول الكريم في أي وقت من الليل أو النهار... يقول أبو موسى الأشعري: (لقد رأيت النبي -صلى الله عليه وسلم- وما أرى إلا ابن مسعود من أهله).

مكانته عند الصحابة

قال عنه أمير المؤمنين عمر: (لقد مُليء فِقْهاً)... وقال أبو موسى الأشعري: (لا تسألونا عن شيء ما دام هذا الحَبْرُ فيكم)... ويقول عنه حذيفة: (ما أعرف أحدا أقرب سمتا ولا هديا ودلا بالنبي -صلى الله عليه وسلم- من ابن أم عبد).

واجتمع نفر من الصحابة عند علي بن أبي طالب فقالوا له: (يا أمير المؤمنين، ما رأينا رجلا كان أحسن خُلُقا ولا أرفق تعليما، ولا أحسن مُجالسة ولا أشد وَرَعا من عبد الله بن مسعود)... قال علي: (نشدتكم الله، أهو صدق من قلوبكم؟)... قالوا: (نعم)... قال: (اللهم إني أُشهدك، اللهم إني أقول فيه مثل ما قالوا، أو أفضل، لقد قرأ القرآن فأحل حلاله، وحرم حرامه، فقيه في الدين عالم بالسنة).

وعن تميم بن حرام قال: (جالستُ أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فما رأيتُ أحداً أزهدَ في الدنيا ولا أرغبَ في الآخرة، ولا أحبّ إليّ أن أكون في صلاحه، من ابن مسعود).

ويقول علقمـة بن قيـس: (كان عبد الله بن مسعود يقوم عشية كل خميس متحدثا، فما سمعته في عشية منها يقول: قال رسول الله غير مرة واحدة، فنظرت إليه وهو معتمد على عصا، فإذا عصاه ترتجف وتتزعزع).

حكمته

كان يملك عبدالله بن مسعود قدرة كبيرة على التعبير والنظر بعمق للأمور فهو يقول عما نسميه نِسبية الزمان: (إن ربكم ليس عنده ليل ولا نهار، نور السموات والأرض من نور وجهه)... كما يقول عن العمل: (إني لأمقت الرجل إذ أراه فارغا، ليس في شيء من عمل الدنيا ولا عمل الآخرة)... ومن كلماته الجامعة: (خير الغنى غنى النفس، وخير الزاد التقوى، وشر العمى عمى القلب، وأعظم الخطايا الكذب، وشر المكاسب الربا، وشر المأكل مال اليتيم، ومن يعف يعف الله عنه، ومن يغفر يغفر الله له).

وقال عبدالله بن مسعود: (لو أنّ أهل العلم صانوا العلم ووضعوه عند أهله لسَادوا أهل زمانهم، ولكنّهم وضعوه عند أهل الدنيا لينالوا من دنياهم، فهانوا عليهم، سمعتُ نبيّكم -صلى الله عليه وسلم- يقول: (مَنْ جعلَ الهمومَ همّاً واحداً، همّه المعاد، كفاه الله سائرَ همومه، ومَنْ شعّبَتْهُ الهموم أحوال الدنيا لم يُبالِ الله في أي أوديتها هلك).

أمنيته

يقول ابن مسعود: (قمت من جوف الليل وأنا مع الرسول -صلى الله عليه وسلم- في غزوة تبوك، فرأيت شعلة من نار في ناحية العسكر فاتبعتها أنظر إليها، فإذا رسول الله وأبو بكر وعمر، وإذا عبد الله ذو البجادين المزني قد مات، وإذا هم قد حفروا له، ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- في حفرته وأبو بكر وعمر يدلِّيَانه إليه، والرسول يقول: أدنيا إلي أخاكما... فدلياه إليه، فلما هيأه للحده قال: اللهم إني أمسيت عنه راضيا فارض عنه... فيا ليتني كنت صاحب هذه الحفرة.

أهل الكوفة

ولاه أمير المؤمنين عمر بيت مال المسلمين بالكوفة، وقال لأهلها حين أرسله إليهم: (إني والله الذي لا إله إلا هو قد آثرتكم به على نفسي، فخذوا منه وتعلموا)... ولقد أحبه أهل الكوفة حبا لم يظفر بمثله أحد قبله... حتى قالوا له حين أراد الخليفة عثمان بن عفان عزله عن الكوفة: (أقم معنا ولا تخرج ونحن نمنعك أن يصل إليك شيء تكرهه منه)... ولكنه أجاب: (إن له علي الطاعة، وإنها ستكون أمور وفتن، ولا أحب أن أكون أول من يفتح أبوابها).

المرض

قال أنس بن مالك: دخلنا على عبد اللـه بن مسعود نعوده في مرضه، فقلنا: (كيف أصبَحتَ أبا عبد الرحمن؟)... قال: (أصبحنا بنعمة اللـه إخوانا)... قلنا: (كيف تجدُكَ يا أبا عبد الرحمن؟)... قال: (إجدُ قلبي مطمئناً بالإيمان)... قلنا له: (ما تشتكي أبا عبد الرحمن؟)... قال: (أشتكي ذنوبي و خطايايَ)... قلنا: (ما تشتهي شيئاً؟)... قال: (أشتهي مغفرة اللـه ورضوانه)... قلنا: (ألا ندعو لك طبيباً؟)... قال: (الطبيب أمرضني -وفي رواية أخرى الطبيب أنزل بي ما ترون).

ثم بكى عبد الله، ثم قال: سمعتُ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: إنّ العبد إذا مرض يقول الرّب تبارك وتعالى: (عبدي في وثاقي)... فإن كان نزل به المرض في فترةٍ منه قال: (اكتبوا له من الأمر ما كان في فترته)... فأنا أبكي أنّه نزل بي المرض في فترةٍ، ولوددتُ أنّه كان في اجتهادٍ منّي).

الوصية

لمّا حضر عبد الله بن مسعود الموتُ دَعَا ابْنَه فقال: (يا عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود، إنّي موصيك بخمس خصال، فاحفظهنّ عنّي: أظهر اليأسَ للناس، فإنّ ذلك غنىً فاضل، ودعْ مطلبَ الحاجات إلى الناس، فإنّ ذلك فقرٌ حاضر، ودعْ ما يعتذر منه من الأمور، ولا تعملْ به، وإنِ استطعتَ ألا يأتي عليك يوم إلا وأنتَ خير منك بالإمس فافعل، وإذا صليتَ صلاةً فصلِّ صلاةَ مودِّع كأنّك لا تصلي صلاة بعدها).

رؤيا قبل وفاته

لقي رجل ابن مسعود فقال: لا تعدم حالِماً مذكّراً: (رأيتُكَ البارحة، ورأيتُ النبـي -صلى اللـه عليه وسلم- على منبر مرتفع، وأنتَ دونه وهو يقول: (يابن مسعود هلُمّ إليّ، فلقد جُفيتَ بعدي)... فقال عبد الله: (آللّهِ أنتَ رأيتَهُ؟)... قال: (نعم)... قال: (فعزمتُ أن تخرج من المدينة حتى تصلي عليّ)... فما لبث إلا أياماً حتى مات -رضي الله عنه- فشهد الرجل الصلاة عليه.

وفاته

وفي أواخر عمره -رضي الله عنه- قدم الى المدينة على ساكنها أفضل الصلاة وأتم التسليم... توفي سنة اثنتين وثلاثين.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
صقر بني يس
إدارة المنتدى
إدارة المنتدى
صقر بني يس


المساهمات : 1008
نقاط : 158
تاريخ التسجيل : 02/09/2019

رجال و أعلام في تاريخ العرب و الإسلام Empty
مُساهمةموضوع: رد: رجال و أعلام في تاريخ العرب و الإسلام   رجال و أعلام في تاريخ العرب و الإسلام Emptyالجمعة سبتمبر 24, 2021 8:14 pm

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
العديد من الجماعات الجهادية و الإرهابية عمدت في العقود الأخيرة إلى إستعمال سلاح "الإنتحاريين" أصحاب الأحزمة الناسفة و السيارات المفخّخة، هذا رغم ان الله سبحانه شدد على من يقتل نفسه، و هذه الجماعات أخذت رخصتها من تحريفها لبطولات صحابي جليل عرف عنه الاجتهاد في طلب الشهادة، و نضع اليوم سيرته الطيّبة، و نحسبه إن شاء الله حجّة على هذه الجماعات و ليس حجّة لهم. هذا الصحابي الجليل هو:

البراء بن مالك

البراء هو شقيق أنس بن مالك أكثر الصحابة رواية عن النبي، صلى الله عليه وسلم، حيث عاش أنس في كنف النبي خادماً مطيعاً، وتلميذاً نابهاً ومبلغاً أميناً وراوية ثقة، بعد أن وهبته أمه أم سليم للنبي صلى الله عليه وسلم حين ذهبت إليه وهو في العاشرة من عمره وقالت: يا رسول الله، هذا أنس غلامك يخدمك، فادع الله له، فاستلمه رسول الله صلى الله عليه وسلم وقبله بين عينيه ودعا له دعوة بقيت تظلله بالخير والبركة طوال حياته، حيث قال: اللهم أكثر ماله وولده وبارك له وأدخله الجنة .

وبفضل هذه الدعوة المستجابة من رسول الله صلى الله عليه وسلم عاش أنس بن مالك تسعا وتسعين سنة، ورزقه الله الكثير من البنين والحفدة، كما أجزل عطاءه من المال، وسبحان الذي يرزق من يشاء بغير حساب .

ولم يكن أنس والبراء بعيدي النسب عن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فهما ابنا مالك بن النضر بن ضمضم من بني النجار أخوال النبي صلى الله عليه وسلم، ومن أشراف الخزرج في المدينة .

وإذا كان أنس قد عاش عمراً طويلاً عامراً بالإيمان والعطاء فإن أخاه البراء بن مالك قد نال الشهادة في إحدى معارك الفتوحات الإسلامية، وقد عاش الإخوان حياتهما معاً في سبيل الله ولم يتخلفا عن موقعة مع رسول الله ولا عن معركة دعيا إليها بعد وفاته، صلى الله عليه وسلم، وكانا في كثير من المعارك التي شاركا فيها متقاربين ومتلازمين يشد كل منهما أزر أخيه .

بطل الحديقة

كان البراء بن مالك يقبل بكل جسارة على المشاركة في الغزوات والمواقع ففي معركة اليمامة التي كانت فاصلة وحاسمة في القضاء على فتنة الردة وادعاء النبوة، بادر البراء بالانضمام إلى جيش المسلمين تحت قيادة خالد بن الوليد، تماما مثلما فعل كبار الصحابة من المهاجرين والأنصار، الذين هبوا للدفاع عن دينهم منتصرين لقول الله عز وجل: ولينصرن الله من ينصره، وقوله عز وجل: يا أيها الذين آمنوا إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم .

اندفع المسلمون الصادقون في مواجهة عاتية مع قوى الكفر والضلال بقيادة مسيلمة الكذاب مدعي النبوة، واحتدمت المعركة وسقط القتلى والجرحى من الجانبين، ولاح في الأفق أن كفة الحرب تميل لمصلحة جيش المرتدين، فدب الخوف في قلوب بعض المسلمين وكادت تتفرق صفوفهم، وأدرك قادتهم مقدار الخطر الذي يتهدد دينهم وأمتهم في حاضرها ومستقبلها، فاستنفروا خطباءهم وشعراءهم يستنهضون همم المقاتلين ويذكرونهم بوعد الله بنصر عباده المسلمين .

ونادى خالد بن الوليد البراء بن مالك قائلا: تكلم يا براء .

وكان البراء بن مالك جميل الصوت عالي النبرة، فهتف بإخوانه من الأنصار: يا أهل المدينة: لا مدينة لكم اليوم، إنما هو الله والجنة .

وكان لكلمات البراء وغيره من قادة الجند أثرها السحري في نفوس المقاتلين الذين تسابقوا لقتال المرتدين، ولم يكتف البراء بهذا، بل قرن القول بالعمل وتقدم بكل جسارة واندفع إخوانه لا هدف لهم جميعا سوى النصر أو الشهادة، فبدأت جموع المرتدين تتراجع وجموع المؤمنين الموحدين تتقدم وتتلاحم وتستعيد زمام المبادرة والثقة والنصر .

واحتمى جنود الكفر بحديقة ذات حائط سور مرتفع، وهنا ظهرت شجاعة البراء بن مالك واستعداده للتضحية، حيث لاحظ المسلمون وجود حائط قد أغلق بابه فجلس البراء بن مالك على ترس وقال: ارفعوني برماحكم فألقوني إليهم .

ولم ينتظر أن يفعلوا فاعتلى الجدار وألقى بنفسه داخل الحديقة وفتح بابها مما مكن جنود الإسلام أن يقتحموا الحديقة فأدركوه وقد قتل منهم أي من المشركين عشرة .

وعاد جيش المسلمين إلى المدينة وقد كتب الله سبحانه له النصر وتمكن من إخماد الفتنة في معركة اليمامة الفاصلة، وكان نصيب البراء بن مالك من هذه الموقعة الفاصلة بضعة وثمانين جرحاً .

شجاعة نادرة

نهض البراء بن مالك من مرضه بعد أن شفيت جروحه وواصل مشواره في قتال الكفار، وكانت وجهته بلاد فارس، حيث تخوض جيوش الإسلام معارك ضارية ضد الفرس الذين ناصبوا الإسلام العداء، ثم تربصوا بالمسلمين بهدف القضاء عليهم، فقد أصاب الفرس فزع شديد حينما رأوا حلفاءهم العرب الذين يجاورونهم يدخلون في الإسلام، يعلنون ولاءهم للدولة الإسلامية، ورأوا أن دولة الإسلام تهدد إمبراطوريتهم التي كان الروم يخشونها .

في إحدى معارك المسلمين مع الفرس استعمل جنود الفرس كلاليب مثبتة في أطراف سلاسل محماة بالنار وكانوا يلقون بكلاليبهم من الحصن الذي تحصنوا به فتخطف من تطوله من المسلمين المحاصرين للحصن، وسقط أحد هذه الكلاليب على أنس بن مالك فتعلق به، وخشي أنس أن يمس السلسلة الملتهبة خوفاً من أن تحرق يديه، وكاد الفرس أن يرفعوه إليهم ليقتلوه لولا أن هب لنجدته الفدائي البراء بن مالك الذي أسرع إلى أخيه ليخلصه من محنته وقبض على السلسلة بيديه واجتهد في قطعها فقطعها، واحترقت يدي البراء غير أنه أنقذ شقيقه من القتل وأثنى المقاتلون على شجاعته النادرة .

شهيد تستر

وخاض البراء مع جيوش الإسلام معركة تستر التي استسلم في نهايتها هرمزان الفرس، وكان الهرمزان يقود جيش الفرس، إضافة إلى أهل الأهواز الذين انضموا إليه، وحاصر المسلمون الفرس عدة أشهر جرت خلالها معارك ضارية، وكان البراء يندفع بين جنود الفرس فيقتل منهم ما يشاء، وقد كثرت المبارزة طوال فترة الحصار، وذكرت كتب التاريخ أن البراء بارز مئة مقاتل فارسي فصرعهم جميعا، وفي الزحف الأخير للمسلمين على الفرس استنجدوا بالبراء وقال المسلمون له: يا براء أقسم على ربك ليهزمنهم فقال: اللهم اهزمهم لنا واستشهدني .

وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد قال: رب أشعث أغبر ذي طمرين لا يؤبه له، لو أقسم على الله لأبره . . منهم البراء بن مالك .

واستجاب الله سبحانه للبراء بن مالك، فقد انهزم الفرس في هذه المعركة واستشهد الفدائي البطل البراء بن مالك، كما استسلم الهرمزان قائد الفرس وحملوه إلى عمر بن الخطاب في المدينة، وحينما طلب الهرمزان الأمان من عمر حتى يشرب الماء أمنه، فلما رفض شربه وقال لعمر: لقد أمنتني، قال عمر: أنا أؤمّن قاتل مجزأة والبراء بن مالك؟ وأخيراً أسلم الهرمزان فأبقاه عمر في المدينة وفرض له عطاء بلغ ألفي درهم .

وكان البراء مقيماً في البصرة قبل أن يلحق بجيش النعمان بن مقرن الذي حارب الهرمزان، وكان أبو موسى الأشعري حينذاك أميراً للبصرة، فكتب إليه عمر بن الخطاب بإرسال جيش إلى الأهواز، وقال له: اجعل أمير الجند سهيل بن عدي وليكن معه البراء بن مالك، وقيل إن عمر لم يطلب تأمير البراء على الجنود لما يعرفه من أن البراء يستعجل الشهادة، وكان معروفاً عنه جرأته وإقدامه على قتال المشركين من دون أن يناور أو يحتال لهزيمة عدوه بأقل الخسائر، فالبراء لا يهتم بالخسائر البشرية، لأن الشهادة في سبيل الله ظلت أمنية ينشدها في كل حروبه ضد المشركين، ولهذا لم يتخلف عن معركة أو غزوة . وذات مرة زاره بعض الصحابة في مرض له، فتفرس وجوههم، وظهر له أنهم يخشون وفاته في مرضه هذا، فقال لهم: لعلكم ترهبون أن أموت على فراشي، لا والله لن يحرمني ربي الشهادة، وقد أقسم أن الله لن يحرمه الشهادة، وكان واثقاً من قسمه بعد أن قال عنه صلى الله عليه وسلم إنه لو أقسم على الله لأبره .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
رجال و أعلام في تاريخ العرب و الإسلام
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» الكتابة و القراءة في جزيرة العرب قبل الإسلام
» مجموعة رجال مختارين لهم رجال شايب يلبس الأبيض ومعه عصا كبير
» نار تحرق أعلام الدول العربية
» أسماء هذه الشوارع ستتغير لأسماء أعلام الأمة
» حفظ تاريخ 10\1\1437 هـ

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الشَّامِلُ لِرُؤَى المَهْدِيِّ :: نَادِي الأَعْضَاءِ وَ الزُّوَّارِ :: فَوَائِدُ الأَعْضَاءِ وَ خَوَاطِرُهُمْ-
انتقل الى: