ماذا فعل المسلمون لانتظار المهدى

السلام عليكم ورحمه الله
طالعت عدد من الأقسام بمنتداكم الكريم والذى يدور اغلب مواضيعه حول الإمام المنتظر وصفاته وزواجه وأولاده وغيرهم ولى تعليق
كنت قد قرأت ان لليهود مهدى ايضا خاص بهم ولكن تيودور هرتزل خالف تفكير اغلبهم وبدلا من البحث او انتظار مهديهم المزعوم فكر بجمع اليهود واقامه دوله قويه وبعدها فليأتى مهديهم وقتما شاء ليجد دوله قويه جاهزه لاستقباله وكان له ما أراد.
فمع احترامى للجميع هل ننتظر شخص يظهر ليقول انه المهدي فيعتقله رئيس دولته او امارته او يقطعه بالمنشار او يلقي فالسجن حتى يصاب بالجنون.
الإمام الحسين كان في زمن التابعين والصحابه وفي القرن الأول الهجرى ويعلم الجميع بفضله لكنه قتل على يد مسلمين
ودعاه للخروج مسلمين وخذلوه وقطعت رأسه الشريف على يد قائد من قاده الدوله الامويه
و تريدون لرجل في زماننا هذا ان يظهر ليقول انا حفيد الرسول انا حفيد الحسن بالختام اعتقد اننا نحتاج ان نمهد للأمام المهدي بأكثر بكثير من مجرد تعبير للرؤى.

رؤى المؤمنين رزق من الله : بشرى كما في رؤيا فتح مكة و رؤيا يوسف و كما في الآية( لهم البشرى في الحياة الدنيا و في الآخرة)،  قيل هي الرؤيا الصالحة يراها المؤمن أو ترى له، أو إنذار كما في رؤيا عزيز مصر أو إختبار وابتلاء كما في رؤيا سيدنا إبراهيم... و الأحاديث معلومة لا داع لتكرارها..والحكمة من البشرى بعث الأمل في النفوس المؤمنة لأن اليأس أخطر ما قد يصيب النفس و لذلك قال سيدنا يعقوب لبنيه لا تيأسوا من روح الله إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون...و الحزن و الهم و الإحباط من الشيطان أما البشرى فهي من الله تثبيثا لعباده....و قد تواترت الرؤى في ما يخص موضوع المهدي ولا يعني أنه يظهر في السنوات القادمة هذا مستبعد، فرؤيا نبي الله يوسف تحققت بعد أربعين سنة و الكثير يمكن أن يتغير في أربعين سنة أنظر الصين اليوم و قارن كيف كانت قبل 40-50 سنة أو انظر حال العرب عند بعثة النبي ثم حالهم بعد 10 سنوات من الهجرة ثم 30 سنة من الخلافة الراشدة....ثم لكل قرن 'مهدي' هو المجدد كما ذكر الحديث و آخرهم المهدي الذي يكون آخر الزمان و هو من علامات الساعة الكبرى لأنه يعاصر الدجال و يقاتله و لكن لا يهزمه حتى ينزل عيسى فيقتله..و لكن المهدي لا يظهر إلا بعد عودة الخلافة الراشدة و نزول الخلافة أرض المقدس كما في حديث عبد الله ابن رواحة ثم موت او قتل أحد الخلفاء و اقتتال 3 من الأمراء و تكون فتن و قتل و تمتلئ الأرض ظلما فحينها يظهر المهدي و يبايع بين الركن و المقام بعد أن يرى الناس آية الخسف: خسف بالجيش الذي يبعث من الشام لقتل المهدي بعد أن فر منهم اثر مقتل الخليفة كما ذكرت الاثار و من يتأمل ذلك يعلم ان المهدي لم يكن نكرة بل كان ذا شأن و الأرجح من المقربين من الخليفة الذي يقتل و لذلك رأسه مطلوبة و فر منهم...لكن المهم بالنسبة لنا اليوم هو : لا بد أن نحرر الأقصى أولا و نعمل لاسترجاع الخلافة الراشدة اي وحدة المسلمين ليس بالضرورة الخلافة في صورتها التي عرفناها سابقا فهذا غير واقعي بل لكل عصر منطقه و منطق هذا العصر هو منطق التحالفات و التكتلات يعني فدرالية مثلا كالفدرالية الأمريكية أو وحدة كالوحدة الأوروبية و نحن أولى بها منهم لأن لنا لغة واحدة و دين واحد و تراث واحد و تاريخ مشترك و خاصة مستقبل و مصير مشترك : فحتما سنؤكل إذا أكل واحد منا.. ثم منطق العصر يقتضي أن العمالقة لا يمكن أن يحالفوا - حلف ندية و ليس تبعية - أقزام كدويلات العرب اليوم و هي محميات شبيهة بالضفة الغربية و بلبنان بدرجات متفاوتة..كما قال الشاعر واصفا  إمارات الأندلس قبيل سقوط غرناطة: ألقاب مملكة في غير موضعها  كالهر يحكي إنتفاخا صولة الأسد....لكن أول الدواء هو الوعي بالداء و الاعتراف به و ليس مواصلة الكذب على النفس .  ثم يأتي تشخيص العلة.. و أهم العقبات اليوم أمام حلم عودة الوحدة الإسلامية و لا أقول العربية هي  4 او 3 جراثيم أساسية هي سبب هذه الحرب الأهلية و التفتت : الأولى جرثومة القومية و هي من دعوى الجاهلية خلصنا الإسلام منها ثم نكصنا إليها بعد نكبة الإستعمار الذي أحياها ليفتت تاريخنا المشترك شرط التراث و القوة الروحية: اللحمة و تلاحم المسلمين الذين شبههم الحديث بالجسد الواحد و باليد تغسل إحداهما الأخرى و شبهتهم الآية بالبنيان المرصوص...أحياها الاستعمار لكي يعطي شرعية تاريخية للدويلات التي ظهرت بعد "رحيل " المستعمر فمثلا صار المصري فرعوني و العراقي بابلي و التونسي قرطاجني ...و هكذا ...و ليس مسلم يفخر بالتاريخ الإسلامي المشترك...و لم يكتف الاستعمار بذلك بل فتت أيضا الجغرافيا شرط الثروة اي القوة الاقتصادية التي هي بدورها  شرط البحث العلمي و التطور التقني ....ثم حارب المرجعية التي تجمعنا : الدين و اللغة العربية التي اختارها ربنا لتكون وعاء لكلامه سبحانه و لا زلنا الى اليوم نعاني في بلدان المغرب الكبير من الاستعمار الثقافي الذي لا يقتصر على اللغة و ان كان ذلك الأوضح بل أيضا يشمل الفنون و الملبس و الثقافة خاصة عند النخب العلمانية المستلبة التي خلفها الاستعمار: أبناء الحركيين و الصبايحية خدم مستعمر الأمس...وهم يمثلون رعاة الجرثومة الثانية سبب الحرب الأهلية الثانية ليس بين" الدول "و لكن في داخل كل دولة: إنها جرثومة العلمانية التي حاولوا فرضها بالقوة على الشعب التركي المسلم و فشلوا كما فشلوا في علمنة تونس و جعلوا المعركة معركة إسلامي - علماني او اصولي -حداثي في حين أن المعركة الحقيقة هي معركة التحرر  من  الجرثومة الثالثة:  جرثومة الفساد و الاستبداد و قد اكتشفت الشعوب التي ثارت أن شرط التحرر من الفساد و الاستبداد هو استكمال معركة التحرير :التحرير من الاستتباع و الاستضعاف لمستعمر الأمس....و شرط خوض هاته المعارك هو نخب صالحة راشدة و ليس نخبنا الحالية الفاسدة الفاقدة للطموح سوى عيش الأنعام..و لا أقصد قصرا  النخبة السياسية  سواءا في الحكم او في المعارضة بل أيضا نخبة المعرفة و انظر إلى تخلف جامعتنا و عقمها ثم نخبة الإقتصاد التي همها الربح العاجل السريع و ليس البناء المحكم طويل المدى و هم في أحسن الحالات سماسرة...كما قال ابن تيمية: أكثر ما يفسد البلدان : نصف فقيه و نصف نحوي و نصف معماري و نصف طبيب هذا يفسد الأبدان و ذلك يفسد البنيان و الأخر يفسد الدين و اللسان....و قد بلينا بهكذا نخب و السبب فبنا كما قال الرسول : كما تكونوا يولى عليكم و لو كنا صالحين مصلحين ما ولوا علينا..و الله المستعان

و من باب بث الأمل في النفوس المؤمنة و التذكير بوعد الله و رسوله لهاته الأمة: الأمة الوسط الشاهدة على العالمين...فإننا نعيش لو تتدبرون،  لحظة تاريخية مفصلية شبيهة جدا بالنشأة الأولى لدولة الإسلام: حرب كبرى بين فارس و بيزنطة تواصلت لعقود أضعفت كلا الطرفين و مثلت فرصة لبزوغ نجم قوة فتية : العرب موحدون تحت راية الإسلام و خلف قيادة راشدة حكيمة...
و اليوم نعيش بداية حرب باردة ستمتد حتما و تشتد و قد تصبح ساخنة بين عمالقة العالم الشرق الأقصى : الصين و الغرب الأقصى: أمريكا ...

الصين التي استغلت فرصة انشغال أمريكا بالاتحاد السفياتي ايام الحرب الباردة و أخدت بأسباب القوة و صارت ما ترون اليوم في حين اننا أضعنا تلك الفرصة واستغلها غيرنا: النمور الآسيوية....

و كل من يتابع السياسة الدولية يدرك تغير الاستراتيجية الأمريكية و العلامة الخروج من  أفغانستان..بعد إعادة ترتيب الأولويات و حاجتها للحلف أو على الأقل مهادنة الشعوب الإسلامية لحاجتها للطاقة و الممرات التي بدونها يصعب منافسة الصين و الاستعداد لها خاصة إذا إختارت الهند صف الصين- روسيا و هو الراجح.. و خاصة أن أمريكا قد جربت السيطرة على أرضنا بالقوة و فشلت لظنها أن الإسلام إيديولوجيا نخبة كالشيوعية ثم تبين لها خطر هذا الخطأ : معركة خاسرة ألهتها عن الاستعداد لمعركة مصيرية مع الشرق الأقصى.. وهي ستسعى إلى الصلح مع المسلمين و ستأمر دولة الاحتلال بضرورة التطبيع المعاكس معنا و قد بدأت بالفعل و العلامة التقرب إلى تركيا و الحمقى يظنون أن تركيا تطبع مع الإحتلال و العكس هو الأصح و الإمارات سبقت الكيان إلى ذلك ...هذا التغير في الاستراتيجية الأمريكية هو فرصة ربانية حقيقية إن أحسن المسلمون إستغلالها فبإمكان بلدانهم أن تصبح مثل ألمانيا و اليابان و كوريا الجنوبية التي إختارت مهادنة أمريكا بل الحلف معها بعد الحرب الثانية فحققت نهضة إقتصادية عكس البلدان التي إختارت الصف الخاسر: صف السفيات و المثال مصر..و شرط الحلف المثمر لا التبعيةالذليلة هو الحجم الضروري: وحدة كالوحدةالأوروبية لأن العمالقة لا يحالفون الأقزام....ثم السذج يظنون أن اللوبي الصهيوني يتحكم في صنع القرار في أمريكا و الحقيقة أنه لا يزيد عن دور موظف بشركة، و الحاجة إلى هذا الموظف بدأت تضعف لأن العدو رقم واحد لم يعد المسلمون بل الشرق الأقصى و لذلك فدولة الاحتلال اليوم في أزمة مصيرية و هذا بشارة بقرب نهايتها على الأقل في صورتها الحالية: حل الدولتين لن يدوم و فرض حل الدولة الواحدة الديمقراطية ذات القوميتين يخدم الفلسطينين في المدى البعيد و السبب ديمغرافي معلوم...

ان شاء الله يفرح المؤمنون