بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ،
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه اجمعين
هذا كلام احسب انه داخل في طلب قوله تعالى ( قد افلح من زكاها ) واسأل الله ان ينفع به
اتمنى من القارئ القراءة بتأني لفهم المقصد ،
قال سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه : قلت يا رسولَ اللهِ ! أيُّ الناسِ أشدُّ بلاءً ؟ قال : الأنبياءُ ، ثم الصالحون ، ثم الأمثلُ فالأمثلُ ، يُبتلى الرجلُ على حسبِ دِينِه ، فإن كان في دِينِه صلابةٌ ، زِيدَ في بلائِه ، وإن كان في دِينِه رِقَّةٌ ، خُفِّفَ عنه ولا يزالُ البلاءُ بالمؤمنِ حتى يمشي على الأرضِ وليس عليه خطيئةٌ .
،،،
ونحن نعلم ان اكثر الناس محبة لله و خوفا وخشية من الله هم الأنبياء عليهم الصلاة والسلام وكانوا يتصرفون تصرفات مختلفة تماما في نفس المواقف التي يمر بها الناس.
،،
إن من المعاني الأخرى المفهومة من هذا الحديث انك كلما كنت اكثر خشية كنت اكثر مسؤولية وشعورا بالبلاء فربما قبل ان يشتد دينك ينزل عليك الإبتلاء وانت لاتشعر به ،
كأنما البلاء متزامن مع شدة الخشية :
(إنما يخشى الله من عباده العلماء إن الله عزيز غفور)
والله سبحانه تعالى ايضا عزيز في قلوب الصالحين وكلما عز عندك شيء وازدادت عظمته ومحبته عندك كنت اكثر مبالاة به ومراقبة لنفسك وكلما ابتليت به غفر الله لك خطاياك (حتى يمشي على الأرضِ وليس عليه خطيئةٌ) فإن اصابتك ضراء صبرت لله
وإن اصابك خيرا شكرت الله .
،،
إن الله اذا احب عبدا ابتلاه،
واذا احبك الله رزقك ان تحبه وان احببته كنت اكثر مراعاة لأوامره ونواهيه واكثر مبالاة به في كل امورك وعبدت الله كأنك تراه وهذا مقام الإحسان.
كان الصحابة يُغشى عليهم رضي الله عنهم في بعض الآيات كأنما يقع عليهم اشد البلاء،
قال تعالى : ( (لَوْ أَنزَلْنَا هَٰذَا الْقُرْآنَ عَلَىٰ جَبَلٍ لَّرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُّتَصَدِّعًا مِّنْ خَشْيَةِ اللَّهِ ۚ وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ)) التفكر يزيدك خشية فلا تظن انك بمنأى عن الإبتلاء إن كنت في نعمة او حتى اوتيت العلم او وفقك الله لطلب العلم فأنت لست بمنأى عن الفتن فكلما قوي دينك تذكرت ان تشكر وتحمد الله وتراعي امر الله فيما انت فيه .
قال تعالى : ( أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ)
فعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: (ليس العلم عن كثرة الحديث, ولكن العلم عن كثرة الخشية )
قال الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله
أصل العلم خشية الله تعالى)
قال الحسن البصري رحمه الله: "العالِم يرى الفتنة وهي مقبلة، والناس لا يرونها إلا وهي مدبرة".
فالعبرة بالشعور بالإبتلاء والفتن وليس من نزوله او عدمه
فربما تقع عليك فتن كثيرة حتى في دينك ولا تشعر فأشد الناس بلاء هم الأكثر خشية و تحسسا منها وكل مؤمن حسب صلابة دينه ، فقد يكلف شخصين بنفس الأمانة واحد منهم يبتلى بها وتكون ثقيلة عليه والآخر لايبالي بها ولايحرص عليها اشد الحرص ،
(إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ ۖ إِنَّهُ كَانَ (((ظَلُومًا جَهُولًا))) )
قال عليه الصلاة والسلام (الظلم ظلمات..) وقال العلماء ظلوما اي (لنفسه )
(ظلوما جهولا)
ومعنى الظلم : وضع الشيء في غير موضعه .
والظلم والظلام متشابهان في الإشتقاق
والجهل مشابه لهم في المعنى فالجهل ظلمات.
نفس الإنسان مظلمة خفيت عنه فجهلها وقبل الأمانة بظنه ليست بلاءََ شديدا وكلما تعلم الإنسان ونظر في نفسه وفي آيات الله علم عظم هذه الأمانة التي حملها فحينما حمل الأمانة كانت نفسه مظلمة عليه ويجهل مافيها ووضعها في غير موضعها ،ولم يكن يعلم انه قد يعصي الله فيها .
( وَفِي الْأَرْضِ آيَاتٌ لِّلْمُوقِنِينَ (20) وَفِي أَنفُسِكُمْ ۚ أَفَلَا تُبْصِرُونَ (21))
رزقنا الله واياكم البصيرة ،
روي عن ابن عباس رضي الله عنه بمعنى كلامه انه حينما عرضت الأمانة على آدم قبلها لما علم انه فقط عليه ان يطيع الله ولا يعصيه : (فلما عرضت على آدم قال: أي رب وما الأمانة؟ قال: قيل: إن أديتها جزيت، وإن ضيعتها عوقبت، قال: أي رب حملتها بما فيها)، (فما مكث في الجنة إلا قدر ما بين العصر إلى غروب الشمس حتى عمل بالمعصية، فأخرج منها .)
.فما علم من نفسه انه سوف يقوم بهذا.
واذا علم الإنسان نفسه وعظم الله في نفسه وقلبه كان اكثر الناس خشية وشعور بحجم الأمانة وتحسس منها كان اكثر الناس شعورا بالإبتلاء وخاف الوقوع بالخطأ والمعاصي ولم يأمن على ماهو عليه ، فالإفتقار لله دائم لديه بإذن الله .
(أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ)
والإنسان يتعلم الى آخر العمر فلا يركن إلى ماوجد فلا يعلم اي جهل هو فيه فإن الإنسان ظلوم جهول ، فليعلق قلبه بربه دائما حتى يبعث على هذا .
قال الشافعي رحمه الله تعالى : كلما ازددت علما زادني علما بجهلي .
وهذا لايتعارض ابدا مع حسن الظن بالله فإن مت على هذا تبعث على هذا الطريق وانت مريد لوجه الله وهذا من احسن الظنون .
هذا والله اعلم .
،
تذكر ماذكر سابقا ليس احتكارا للرأي إنما معنى من المعاني الكثيرة يُراد به التقرب من الله اكثر وما اريد به الا وجه الله على وجه حسن من النصوص.
إن أصبت في شيء فمن الله .