الحمد لله

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته . أخواني وقفت على قول جميل في معنى الحمد لله ، وأردت تمرير الفائدة كي تعم الجميع عسى الله أن ينفع بها لكن على طريقه السؤال كي أستفيد أيضا منكم وتعم الفائدة للجميع . فما معنى الحمد لله أيها الأفاضل ؟

و عليكم السّلام و رحمة الله و بركاته،
نسأل الله الفائدة من هذا الموضوع، و إن شاء الله يتمّ ذلك.
الحقيقة أنني لم أبحث عن معناها قطّ، و آكتفيت بما فهمناه بالفطرة، و صراحة أقولها من باب إقرار الفضل و إرجاعه إلى الله سبحانه، و القناعة بما أعطى و قدّر، سواء كان ذلك بعد الأكل أو بعد إنفراج الضيق أو غيرها من المواقف التي تتطلّب الرضاء بما قسم الله أو الإنكسار أمام قدر قدّره سبحانه و بصدر رحب.
هذا ما يأتي على بالي عند قول "الحمد لله".

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته . بارك الله فيكم جميعا . وجزاكم الله خيرا وكتب اجركم .

والحقيقة بالكلام على الحمد والتدبر فيه ، وجمع أقوال أهل العلم فيه ، يطول المقام ، ولكن وبإختصار من التدبر فيه النظر إلى الحمد من أول أمر البشر منذ أن عطس ابينا آدم عليه السلام بعد نفخ فيه الروح وقوله الحمد لله إلى إفتتاح المصحف بالحمد لله إلى ختم النبوة والرسالة بمحمد صلى الله عليه وسلم وإشتقاق أسمه صلى الله عليه وسلم من الحمد (وشق له من اسمه ليجله ... فذو العرش محمود وهذا محمد) إنتهاء إلى لواء الحمد بيده صلى الله عليه وسلم يوم القيامة . وختام الأمر بحمد لله سبحانه وتعالى كما قال .( وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا ۖ حَتَّىٰ إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ ﴿73﴾ وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشَاءُ ۖ فَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ ﴿74﴾ وَتَرَى الْمَلَائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ ۖ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَقِيلَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) فهاذا من التفكر بعظم حمد الله تعالى .

وأما معناه والعلم عند الله فهو إقرارا بأن كل شيء لله تعالى والدليل على ذلك .الحديث عن الرسول صلى الله عليه وسلم .( إذا ماتَ ولَدُ العبدِ قالَ اللَّهُ لملائِكتِهِ قبضتم ولدَ عبدي فيقولونَ نعم فيقولُ قبضتُم ثمرةَ فؤادِهِ فيقولونَ نعم فيقولُ ماذا قالَ عبدي فيقولونَ حمِدَكَ واسترجعَ فيقولُ اللَّهُ ابنوا لعبدي بيتًا في الجنَّةِ وسمُّوهُ بيتَ الحمْدِ ) . والشاهد قول الملائكة ( حمِدَكَ واسترجعَ ) والمقصود والعلم عند الله أرادوا أنه قال ( إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ ) فإذا قلت إنا لله فأنت حمدت الله وإذا قلت وإنا إليه راجعون فأنت أسترجعت ويقولها العبد عند المصيبة ( الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّـا إِلَيْهِ رَاجِعونَ ) . والموت مصيبه ( إِنْ أَنتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَأَصَابَتْكُم مُّصِيبَةُ الْمَوْتِ ) . والله اعلم .

وعلى هاذا المعنى قد يحسن تدبر بعض سور القرآن فمثلا في تدبر سورة النمل نجد أنها ختمت بقوله تعالى ( وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ سَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ فَتَعْرِفُونَهَا وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ ) فعلى المعنى المذكور أن كل شيئا لله قد نلتمس حكمة ختام هاذه السورة بالحمد ، وذلك أنه ورد في السورة قبل ذلك قوله تعالى ( وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ عِلْمًا وَقَالَا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي فَضَّلَنَا عَلَى كَثِيرٍ مِنْ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ (15) وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ وَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنْطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ ) والشاهد من ذلك قوله ( وَأُوتِينَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ ) وايضا قول الهدهد في تتمة سياق الآيات ( إِنِّي وَجَدْتُ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ ) والشاهد قوله (وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْ ) فكان في السورة ذكر ملكين أوتيا من كل شي فلعله جاء الأمر بالحمد ختام السورة إقرارا أن كل شيء لله وأنه له كل شيء والله اعلم .

وأيضا أنقل لكم في نفس سورة النمل آيات ترسخ هاذا المعنى قال الله تعالى ( قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلَامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى آللَّهُ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ (59) أَمَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَنْبَتْنَا بِهِ حَدَائِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ مَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُنْبِتُوا شَجَرَهَا أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ (60) أَمَّنْ جَعَلَ الْأَرْضَ قَرَارًا وَجَعَلَ خِلَالَهَا أَنْهَارًا وَجَعَلَ لَهَا رَوَاسِيَ وَجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ حَاجِزًا أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (61) أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ (62) أَمَّنْ يَهْدِيكُمْ فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَنْ يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ تَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ (63) أَمَّنْ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَمَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ) .

ولعلنا نلتمس في ذلك المعنى الحكمة من ذكر أسم الله تعالى الحميد تبارك أسم ربي مقرونا مع أسمه الغني تبارك إسمه سبحانه .

ولذا قد نلتمس الحكمه ايضا من ذكر إسمه تبارك وتعالى (غَنِيٌّ حَمِيدٌ) بعد الأمر بالنفقة كما في سورة البقرة ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنفِقُوا مِن طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُم مِّنَ الْأَرْضِ ۖ وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنفِقُونَ وَلَسْتُم بِآخِذِيهِ إِلَّا أَن تُغْمِضُوا فِيهِ ۚ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ ) ولعلكم تعودون إلى مواطن ذكر هاذان الإسمان في القرآن فتتدبرون الآيات .

ولعلي أختم بحديث جميل عن النبي صلى الله عليه وسلم قال .

إنَّ نبيَّ اللهِ نوحًا لما حضَرَتْه الوفاةُ قال لابنِه : إني قاصٌّ عليك الوصيَّةَ ، آمرُك باثنتَينِ و أنهاك عن اثنتَينِ ، آمرُك ب ( لاإله إلا اللهُ ) ، فإنَّ السمواتِ السبعَ و الأرَضينَ السبعَ لو وُضِعَتْ في كِفَّةٍ ، و وُضِعَتْ لا إلهَ إلا اللهُ في كِفَّةٍ ، رجَحَتْ بهنَّ لا إلهَ إلا اللهُ ، و لو أنَّ السمواتِ السبعَ و الأرَضَينَ السبعَ كُنَّ حَلْقةً مُبهَمةً قصَمَتْهنَّ لا إلهَ إلا اللهُ ، و سبحانَ اللهِ و بحمدِه فإنها صلاةُ كلِّ شيءٍ ، و بها يُرزَقُ الخلقُ ، و أنهاك عن الشركِ و الكِبرِ قال : قلتُ : أوْ قيل : يا رسولَ اللهِ هذا الشركُ قد عرفْناه فما الكِبْرُ ؟ - قال - : أن يكون لأَحدِنا نعْلانِ حسَنتانِ لهما شِراكانِ حسنانِ ؟ قال : لا قال : هو أن يكون لأحدِنا أصحابٌ يجلسون إليه ؟ قال : لا . قيل : يا رسولَ اللهِ فما الكِبْرُ ؟ قال : سَفَهُ الحقِّ و غَمْصُ الناسِ.

واعتذر عن الإطاله وهاذا والله اعلى واعلم وصل اللهم على محمد وعلى آل محمد . والسلام عليكم ورحمة الله

متحذلق كتب:

جزاك الله خيرا اخى المقشقش
الطُّهُورُ شَطْرُ الإيمانِ، والْحَمْدُ لِلَّهِ تَمْلأُ المِيزانَ، وسُبْحانَ اللهِ والْحَمْدُ لِلَّهِ تَمْلَآنِ -أَوْ تَمْلأُ- ما بيْنَ السَّمَواتِ والأرْضِ، والصَّلاةُ نُورٌ، والصَّدَقَةُ بُرْهانٌ، والصَّبْرُ ضِياءٌ، والْقُرْآنُ حُجَّةٌ لَكَ، أوْ عَلَيْكَ، كُلُّ النَّاسِ يَغْدُو فَبايِعٌ نَفْسَهُ فَمُعْتِقُها، أوْ مُوبِقُها.

احسب ان الحمد لله تملاء الميزان واذا اضفنا اليها سبحان الله فيمتلى ما بين السماء والارض
فكان الميزان اللذى هو اعمال الانسان على الارض يمتلىء بالحمد اللذى هو من اعمال ساكنى الارض
دون السماء من الملائكه عليهم السلام فاتذا اضفنا اليها سبحان الله التى تعنى التنزيه فلابد ان يكون التنزيه والافراد لله مما دون من ساكنى الارض والسماء
لذلك فان الحمد لله تملاء ميزان العمل على الارض اما سبحان الله وبحمده فتملا ما بين السماء والارض
كذلك فان الاسترجاع بعد المصيبه هو على الارض ايضا
والله اعلم

ولكم بمثل أخي الفاضل متحذلق فكلكم بارك الله فيكم أحسنتم في الإجابه . فالأخ صقر بالفطره وصل إلى المعنى الصحيح وأنت ذكر الدليل عليه ورقيه أمن بذلك وسلمت أن كل شي لله ورضت بما قسم لها من ذلك . وأكرر شكري لكم أيها الأفاضل . بدايه من الأخ صبر جميل على موضوعه إذكروا الله فمشاركت الأخت رقيه أعادتنا إليه وحتى الأخ شاهد على العصر مسامهته كان سببا لهاذا الموضوع فتذكرت هاذا المعنى وأنا أرد عليه وأذكر الإسترجاع . بارك الله في الجميع ومشرفوا هاذا المنتدى والقائمون عليه . شكر الله لكم جميعا . والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .